توفير الغذاء تحد كبير في 10 سنوات...
تؤكد تقارير دولية ان توفير الغذاء بشكل كافٍ ومتوازن سيكون من التحديات الكبيرة امام معظم الشعوب في غضون عشر سنوات مقبلة، لاسيما وان معدلات نمو السكان تفوق معدلات نمو الانتاج الزراعي والصناعي الغذائي، ويزيد الامر صعوبة التغييرات المناخية التي تضعف قدرة معظم دول العالم بخاصة الدول التي تعاني شح المياه للاغراض الزراعية، واجتياح التصحر والجفاف للمناطق الزراعية والخضراء، وبرغم برامج حماية البيئة والتخضير إلا أن التقدم على هذا الصعيد ضعيف بالمقارنة مع الواقع الزراعي والبيئي الذي تضرر خلال العقود القليلة الفائتة.
هذه المقدمة مهمة ونحن نبحث في افضل السبل لبناء قطاع زراعي متنوع ومتعدد قادر على تلبية القسم الاكبر من الاحتياجات الغذائية المحلية، وهذا يتطلب اعادة الاعتبار للزراعة في الاقتصاد، وتوظيف مرفقي العلوم والتقنيات الزراعية الحديثة واستصلاح الاراضي الصالحة، ورصد المخصصات والتمويل اللازم بكلف اموال متوازنة، واعادة النظر في النمط الزراعي بما يتوافق مع الامكنيات المائية المتاحة، والابتعاد عن الزراعات المكثفة للمياه مثل الموز والحمضيات، والاهتمام بزراعة الحبوب في مقدمتها القمح والشعير والبرسيم للمساهمة في تعزيز زيادة الاكتفاء المحلي وتحسين الثروة الحيوانية التي تساهم في زيادة انتاج اللحوم الحمراء وصناعة الالبان.
الاردن يعد من الدول التي تعتمد بنسبة كبيرة على المستوردات الغذائية بنسبة لاتقل 80% من الاحتياجات المحلية، وبان التحول التدريجي في الزراعة واستخدام المياه العادمة والمعالجة ومياه المسوس ( المالحة) لزراعة الاعلاف، وبدء زراعة الحبوب في حوض الديسة باستصلاح مساحة لاتقل عن 100 الف دونم لزراعة الحبوب، والاهتمام بزراعة المناطق المرتفعة للاشجار المثمرة، وتقنين زراعة الخضار في الصحراء بما يتناسب مع الاحتياجات، والتوجه للزراعة النوعية في الاغوار، وتحسين اداء الزراعة اللاموسمية، وبرمجة التصدير بحيث تتناسب مع القيمة المضافة للصادرات الزراعية، وهذه مجتمعة يمكن ان تؤدي لوضع خطط زراعية ممتدة، عندها نستطيع القول اننا نقترب من اعادة الاعتبار للزراعة التي كانت يوما من الايام المصدر الرئيس للمواطنين في معيشتهم.
وفي هذا السياق فان آليات التمويل المعنية بالقطاع الزراعي قدمت الكثير في مقدمتها مؤسسة الاقراض الزراعي في تقديم التمويل لصغار المزارعين، الا ان مخصصاتها غير كافية، وان قرار البنك المركزي الاخير اتاح اموالا للبنوك المرخصة بحيث تقدم للقطاع الزراعي تمويلا كافيا للمشاريع الزراعية بكلف معتدلة تقل عن هياكل الفائدة المصرفية السائدة في السوق، ولاجال طويلة نسبيا بما يساهم في تحفيز المزارعين والابتعاد عن المقولة التقليدية ان الزراعة تمنى بخسائر مستمرة.
الزراعة طوق نجاة وان المبادرة الملكية باعتماد 2009 عام الزراعة يمكن اعادتها إلى الواجهة والعمل بموجبها وتطويرها بحيث تشمل المشاريع الصغيرة والكبيرة لحماية المستقبل الغذائي للأردن .
الدستور 2014-12-11