الذكرى 66 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
حلت أمس الأربعاء في العاشر من كانون الأول الحالي الذكرى 66 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 الذي يعتبر أهم وثيقة دولية تقرر عالمية حقوق الإنسان.
ومنذ صدور الإعلان حتى تحويله إلى اتفاقيتين دوليتين وهما العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام 1966 كان الإعلان وما زال أهم سلاح أخلاقي بيد المستضعفين، ولعب الإعلان دورا مهما في استقلال حوالي 35 دولة في أفريقيا من صدوره حتى إقرار العهدين.
وجاء في مقدمة الإعلان ان "تناسي حقوق الإنسان وازدراءها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني، وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر ان ينبثق اعلان عالمي يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة، كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم".
لقد كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أول اعتراف دولي بأن لجميع البشر أن يتمتعوا بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، ولا يزال الإعلان يشكل حتى يومنا هذا وثيقة نابضة بالحياة وقابلة للتفسير المستقبلي.
وليس صحيحا أن الإعلان هو بضاعة غربية ذلك أن فكرة إصداره تعود إلى رئيس بنما الأسبق ريكاردو الفارو الذي كان مندوبها في مؤتمر إنشاء الأمم المتحدة والذي أحضر معه مسودة لائحة حقوق عالمية اقترح النص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.
وكانت لوزير خارجية لبنان شارل مالك مساهمة كبيرة في إقرار الميثاق فقد لا يعرف كثيرون أنه كرئيس للجنة إعداد الميثاق ترأس حوالي 80 اجتماعا إلى حين إقرار الوثيقة النهائية للإعلان في قصر شايو بباريس، ثم قام برفعه إلى رئيس اللجنة الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة التي كان رئيسها أيضا ثم قام برئاسة الاجتماع الأول لهيئة الأمم المتحدة الذي عقدته خارج مقرها الرئيسي في نيويورك.
وقامت إليانور روزفلت، أرملة الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت برئاسة لجنة صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. واشترك معها رينييه كاسان من فرنسا، الذي وضع المشروع الأولي للإعلان، ومقرر اللجنة شارل مالك من لبنان، ونائب رئيسة اللجنة بونغشو تشانغ من الصين، وجون همفري من كندا.
وفي البداية قام الكندي جون همفري بوضع مسودة للإعلان، فوضع 400 صفحة بناء على تكليف اللجنة الثلاثية المؤلفة من روزفلت وتشانغ ومالك، ولما كان من غير العملي أن يصدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 400 صفحة، قامت اليانور روزفلت بتكليف رينييه كاسان وضع مسودة مختصرة واضحة ودقيقة، على أن يستنير برأي شارل مالك في كل فقرة من فقراتها، فاعتمد كاسان على "إعلان حقوق الإنسان والمواطن" الصادر عن الثورة الفرنسيةعام 1789، وشرعة "الماغتا كارتا" الصادرة عن نبلاء بريطانيا العظمى سنة 1215، وعمل على اختصار الإعلان العالمي في ثلاثين مادة مستعينا بشارل مالك في بلورة نصوصه وصياغته باللغة الإنكليزية التي كان يجهلها (كاسان) والتي كانت ولا تزال اللغة الأولى في الأمم المتحدة. وهكذا انطبعت الوثيقة بأفكار مالك وظهرت في متنها بصماته الدامغة فضلا عن تفرده بوضع المقدمة.
وتنص المادة الأولى من الإعلان: يولد جميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق. وبسهولة نستطيع أن نعيد الفكرة الرئيسية في هذه المادة إلى قول الخليفة عمر بن الخطاب: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا!" لدى تقريعه عمرو بن العاص والي مصر لأن ابنه ضرب قبطيا تفوق عليه في سباق الخيل.
العرب اليوم 2014-12-11