أوروبا ملت إسرائيل.. فهل مل العرب ؟!!

في المشهد، بريطانيا، فرنسا، أيرلندا، أسبانيا، البرتغال، وقبلهما السويد، اعترفوا بدولة فلسطين، والمؤمل أن يتواصل الاعتراف الأوروبي.
وفي المشهد، غياب عربي واضح عما يجري عربيا وفلسطينيا، والانكفاء للقطرية، وفيها كل طرف يبحث عن مصالحه وسبل المحافظة على ما يدور حوله من متغيرات.
الجامعة العربية غائبة بالكامل او مغيبة عما يحدث، لم نعد نسمع دعوات لعقد اجتماعات لها على مستوى وزراء الخارجية، وبات الاكتفاء بتصريحات إدانة جوهر عملها، فيما بات الكلام عن قمة عربية دربا من الجنون.
لم يعد لجامعة العرب وجود يذكر، وهي التي حضرت، وصرحت، وقالت، ونسبت، وفصلت دولا في مطارح مختلفة، وفي شؤون عربية داخلية، ولكن تلك المطارح كانت بعيدة عن القضية الفلسطينية، وتشعباتها وما يجري بشأنها.
لسان الحال عربيا "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون"، القصة أصبحت بيانات فقط والبعض لم يعد يصدر حتى مثل تلك البيانات.
أيها العرب أين وصلتم بنا؟، أين تريدون أن تضعونا في خريطة العالم؟، أين تريدون الوصول بنا؟ هل تريدون ان تصبح القومية العربية مثلا، ضربا من "الهبل؟!" والكلام عن وحدة لغة الضاد عملا إرهابيا يستحق الإدانة!!.
من الذي جعل شعوبنا تنسى أن "بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان؟!!". ترى من الذي أوصلنا لتلك النقطة؟، ومن الذي جعلنا نرى الدم والقتل والدمار دون أن يتحرك الوجدان، وإنْ تحرك فالأثر لحظي، ثم نذهب لحضور (أرب أيدول) مثلا، أو (حريم السلطان)، آه ما اقسى الواقع، وما أصعب ما يجري، آه ما أضعفنا، ما أوهن بنيانها.
نبكي واقعا أمر من العلقم، نبكي واقعا أصبح فيه الخلاف السني- الشيعي أهم من وجود اسرائيل كسرطان بين ظهرانينا.
فمن الذي وضع بين الخط الفاصل لحجرة القلب الأولى الشام، والثانية بغداد، تنظيما إرهابيا، يقتل بلا هوادة، ويسبي النساء دون أن ترف له جفن، وأشغلنا به وأشغل العالم.
من الذي يريد لنا أن نبقى ندور وندور في حلقات مفرغة نبحث عن ذاتنا فلا نجدها، ونبحث عن مكان بين دول العالم فلا نجد لنا أثرا إلا في صحون الفول والحمص والفلافل والشاورما، والأبراج الشاهقة فقط.
من ذاك الذي أبعدنا عن العلم والتعلم، عن الحضارة والفكر، عن التطور والحياة، ويريد لنا أن نبقى في الصحراء نعيش قسوتها ومرارتها، ولا نفكر إلا في بناء أبراج، وحضور مباريات كرة قدم، والتنافس في الكراهية.
نحن ننكفئ قطريا، إقليميا، طائفيا، ونصبح في الوقت ذاته أكثر شوفونية، أكثر تطرفا، أكثر كرها وعدائية، فيما العالم ينفتح على كل الآراء والأفكار ووجهات النظر، ويتوسع ديمقراطيا وحضاريا وحرية، فأين نحن من كل ذاك؟!.
أوروبا استطاعت ان تخلق لذاتها كيانا تدافع عنه، وفكرا يحمي وحدتها، وديمقراطية تؤسس لواقع أرقى وحضور أبهج.
في المشهد، أوروبا تعيد تموضعها من جديد، تقول لنا مللنا من الصهاينة، ومن قتلهم وبطشهم، وعنجهيتم، مللنا من كذبهم من دجلهم على الجميع، مللنا من مواصلة التعامل معهم، لا نريد أن نستورد منهم خضارا، ولا فاكهة، ولا نريد أن نساعد في بناء مستوطنات غير شرعية.
أوروبا تقول لنا بالفم المليان، مللنا من الصهاينة، من فاشيتهم، ومن نازيتهم التي تمارس يوميا في فلسطين، وها نحن نذهب للاعتراف بفلسطين الدولة، فلسطين الوجع النازف يوميا أوروبا تقول لنا نحن مللنا ايها العرب من تلك الدولة الفاشية، فهل مللتم انتم؟، وماذا انتم فاعلون؟!!
الغد 2014-12-14