هل تكلم الوزير؟

ظلت المديونية في إحدى دول المنطقة تزداد سنة بعد أخرى. ومع هذا، كان وزير المالية يعد بانخفاضها وتلاشيها سنة بعد الأخرى. وكان للوزير سائق اسمه فليحان، كان كلما عاد في نهاية الأسبوع إلى أسرته وحيه، يتوافد الجيران والناس عليه سائلين: متى ينتهي العجز يا فليحان؟ وكان يجيب: لم يتكلم الوزير. وهكذا استمر الوزير بالصمت، والجيران والناس يسألون فليحان: هل تكلم الوزير؟ وفليحان يجيب: لم يتكلم الوزير.
وفي أحد الأيام، جاء فليحان مبتهجاً ومسرعاً إلى بيته، فرأه الجيران والناس في الحي، فاندفعوا نحوه سائلين: هل تكلم الوزير يا فليحان؟ قال: نعم، لقد تكلم الوزير. فسألوا: وماذا قال؟ قال: متى ينتهي عجز الموازنة يا فليحان؟
ولعل هذه الحكاية تذكرنا بحكاية مماثلة لجنرال ألماني في الحرب العالمية الثانية، كان عنده سائق اسمه بيير. وكان كلما عاد إلى البيت يتوافد عليه الجيران والناس سائلين: متى تنتهي الحرب يا بيير؟ فيجيب: لم يتكلم الجنرال. وهكذا ظل بيير يقول للناس كلما تمكن من خطف رجله إلى أسرته: لم يتكلم الجنرال. وفي أحد الأيام، جاء مبتهجاً مسرعاً كأنه يطير من الفرح، فهرع الناس يسألونه: هل تكلم الجنرال يا بيير؟ فقال: نعم، لقد تكلم الجنرال. قالوا: ماذا قال؟ قال: متى تنتهي الحرب يا بيير؟!
أما الحكاية الثالثة، فقد كان بطلها حلاقاً شهماً من إحدى بلدان جنوب شرق آسيا، قرر في أحد الأيام أن يحلق للناس مجاناً لمدة أسبوع. في اليوم الأول، جاءه فرّان، فحلق له، ثم قال له نعيماً. وعندما سحب الفران محفظته ليدفع له قال: "ضب فلوسك" فلن آخذ فلساً من أحد لمدة أسبوع. وفي صباح اليوم التالي، وعندما جاء ليفتح الباب ويعمل، وجد اثنا عشر رغيفاً في ظرف مع بطاقة شكر.
وفي اليوم التالي جاءه بائع الزهور، فحلق له ثم قال له: نعيماً. مد بائع الزهور يده إلى جيبه ليدفع، فقال له: "ضب فلوسك" فأنا لا أخذ مالا من أحد في هذا الأسبوع. وفي اليوم اللاحق، وعند فتح باب صالون الحلاقة في الصباح، وجد الحلاق باقة من اثني عشرة زهرة مع بطاقة شكر.
في اليوم الثالث جاءه بائع فواكه، حلق له ثم قال له: نعيماً. مدّ الرجل يده نحو جيبه ليدفع، فقال له الحلاق: "ضب فلوسك" فأنا لا آخذ فلساً من أحد طيلة هذا الأسبوع. وفي صباح اليوم التالي وجد الحلاق اثنتي عشرة تفاحة في كيس صغير مع بطاقة شكر.
في اليوم الرابع جاءه بقّال. ولما أكمل الحلاقة قال له: نعيماً. فأخذ البقال يفتش في جيبه ليدفع له، فقال له الحلاق: لقد قررت أن أحلق للجميع مجاناً في هذا الأسبوع؛ مع السلامة. وفي صباح اليوم التالي وجد علبة عند الباب تحتوي على اثنتي عشرة حبة من الشوكولاته مع بطاقة شكر.
في اليوم الخامس، جاءه نائب. ولما حلق له قال له نعيماً. حاول النائب أن يدفع له أجرة الحلاقة المعلقة على المرآة. فقال له الحلاق: أعذرني فأنا لا أخذ فلوساً من أحد في هذا الأسبوع. وفي صباح اليوم التالي، وجد اثنا عشر نائباً على الباب.
***
وليم بت (1708–1776): "يبدأ الاستبداد عندما ينتهي حكم القانون".
***
دونالد م . فريزر: "حسب القانون الراهن إنها لجريمة أن يكذب المواطن على الحكومة. ولكنها ليست جريمة أبداً إذا كذبت الحكومة على المواطن".
***
وقال آخر: "عندما تنتهك القانون لا تحصل على الحرية بل على الفوضى".
****
سوفوكليس (490–406 ق.م): "لا أحد عليه التزام مقدس بإطاعة القانون أكثر من واضعيه".
الغد 2014-12-22