تحرير أوروبا !!

كان بعض المثقفين والناشطين الأوروبيين يطلقون على قارتهم اسم اوروبا المحتلة وذلك اشارة الى تغلغل اللوبي الصهيوني والابتزاز الذي يمارس بذريعة الهولوكوست، والتحول الآن في المواقف الأوروبية من القضية الفلسطينية ليس بلا جذور او مقدمات، فالابتزاز انهى التاريخ صلاحيته إذ يكفي اكثر من ستة عقود دفعت فيها أوروبا اثمانا باهظة لما ألحقه النازيون باليهود، وأتذكّر في هذا السياق ما سمعته قبل اعوام من مثقف فرنسي، قال ان ما يخشاه هو وامثاله ممن ضاقوا ذرعا بالابتزاز الصهيوني ان يظهر بين وقت وآخر راديكالي عربي او مسلم ليدخل الهولوكوست الى غرفة الانعاش ويقدم لإسرائيل ذريعة لمواصلة المزيد من الابتزاز، اوروبا الآن على وشك التحرر من احتلال آخر، وما يحركها خطوات الى الامام قدر تعلّق الأمر بفلسطين عوامل عديدة ليس العامل الاخلاقي خارجها، رغم اننا نستخف بهذا العامل وهو في الحقيقة المحرك الدائم لناشطين ومثقفين يشعرون بالعار اذا صمتوا لأن الصمت تواطؤ .
لقد تلقت اسرائيل وحكومتها الراهنة بالتحديد عدة ضربات على الرأس، منها مواقف البرلمانات الاوروبية المطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وحذف حركة حماس من قائمة الارهاب والذي اقترن بتقارب جديد بينها وبين طهران، حتى رسالة كيري لتل أبيب عن عدم استخدام الفيتو في مجلس الأمن تحولت الى ضربة أخرى وان كان بعض المراقبين يرون ان هذه الضربة مُلْتبسة .
ولأن الصهيونية حركة مضادة للتاريخ واطروحة غيبية لم يخطر ببال دهاقنتها وأحفادهم ان دوام الحال من المحال . وأن التاريخ لم يصبح داجنا في اسطبلات الصهيونية وبين مخابئ طائراتها ودباباتها !
ومن صدّقوا بأن اسرائيل طوت بوليصة تأمين تحت إبطها، تضمن لها انحيازا دوليا الى الأبد اخطأوا مرتين، المرة الأولى لأنهم قرأوا السياسة بمعزل عن الاقتصاد والثقافة والمرة الثانية ان فكرا يستلهم الخرافة وليس الاسطورة فقط لا مدى امامه كي يتنامى فيه ويتمدد، وقد تكون هذه مناسبة لاستذكار ما قاله مثقفون يهود من طراز شاحاك وشاميرون ورايخ وغيرهم عن الهزيمة الكبرى عندما تكون حاصل جمع انتصارات صغرى، لأن اختزال الهزيمة الى بعد عسكري فقط خطأ جسيم بكل المقاييس، فما لم يتأقلم المهزوم مع هزيمته ويقبلها كقدر يبقى قاب حربين أو أدنى من الانتصار !
الدستور 2014-12-22