صفارات الإنذار!

تم نشره الإثنين 22nd كانون الأوّل / ديسمبر 2014 02:07 صباحاً
صفارات الإنذار!
محمد أبو رمان

أحمد شاب سوري يعمل في صالون حلاقة رجالي، وشقيقه يعمل في صالون ثانٍ آخر. ويعيل كلاهما أسرة كبيرة مكوّنة من قرابة 14 فردا، تعيش على "حافة الفقر" في شقة مستأجرة في ضواحي عمان.
ذلك نموذج من عشرات النماذج التي نقابلها يومياً من الأشقاء اللاجئين السوريين. وبالرغم من أنّه لا توجد هناك أرقام دقيقة، بل ثمة تضارب بين المؤسسات الرسمية، إلاّ أنّ أغلب التقديرات تحوم حول 100 ألف سوري ينشطون في سوق العمل الأردني، في مختلف القطاعات، بحثاً عن توفير "الحدّ الأدنى" ليتمكنوا من الحياة، وليشاركوا نسبة كبيرة من المواطنين الأردنيين الصراع مع الفقر والبطالة وغلاء الأسعار!
أشار تقرير مؤسسة "كير" (Care) إلى أنّ 34 % من اللاجئين السوريين في الأردن لا يملكون دخلاً، فيما يتراوح دخل البقية بين 150-190 ديناراً، وهو دخل يكاد يصل إلى أجرة الشقق السكنية. ما يعني أنّ أغلب هذه العائلات تعيش على المساعدات الدولية والمحلية، بالإضافة إلى ما يوفّره أبناؤها عبر المهن التي يحصلون عليها، بأجور أقل من العمالة المحلية، وحتى الوافدة الأخرى.
وطالما أنه لا يوجد أفق سياسي أو مؤشّر حقيقي بأن يعود الاستقرار السياسي لسورية خلال الأعوام القريبة المقبلة (حتى لو كانت هناك مشروعات أو مبادرات سياسية يجري التفكير فيها، فستأخذ وقتاً، في حال نجحت بالطبع)؛ فإنّ ذلك يعني أنّ التفكير الأردني في التعامل مع ملف اللاجئين السوريين من المفترض أن يأخذ منحى آخر، بوصفه أحد أهم التحديات الوطنية المقبلة. فتردّي أوضاع الأشقاء الاقتصادية، تنعكس على مجالات أخرى عديدة؛ اجتماعية وثقافية وأمنية، لأننا نتحدث، باختصار، عن "كتلة كبيرة" من السكان الجدد (قرابة 20 % من سكان الأردن، أو مليون وأربعمائة ألف نسمة)، الأغلبية المطلقة منها تعيش تحت خط الفقر، في ظروف إنسانية صعبة، مما يزيد عملياً من حجم الشريحة الواسعة من المواطنين الأردنيين التي تعاني أصلاً من الفقر والحرمان الاجتماعي والبطالة ومحدودية فرص العمل!
ما يجمع الشريحتين، الأردنية والسورية، غياب الآفاق وتراجع الأمل بتحسن ظروف الحياة، والصراع على الموارد المحدودة والشحيحة، في التعليم والماء والصحة والسكن، والأخطر من هذا وذاك فرص العمل.
لا تبدو المعادلة سهلة في الحديث عن ملاحقة الأشقاء السوريين الذين يعملون بصورة غير قانونية، فنحن أمام "معضلة" حقيقية أو سيف ذي حدّين. فإذا تم التضييق عليهم، بلا أي بدائل أو خيارات، فكأننا ندفعهم نحو الجريمة والعنف، وإذا تم السماح لهم بالعمل فإن ذلك يؤثر بصورة جوهرية على فرص الأردنيين وقدرتهم على التنافس مع السوريين الذين يقبلون بأجور أقل بكثير من الأردنيين.
يضاف إلى هذا وذاك مزاج شعبي سلبي بدأ بالتدحرج والصعود إزاء اللاجئين السوريين، تكشف عنه استطلاعات الرأي، وبعض المصادر الرسمية التي تتحدث عن رسائل غاضبة، بخاصة من مناطق الشمال التي ترتفع فيها نسبة السوريين بصورة كبيرة جداً.
ما هو أخطر من هذا وذاك، الحديث عن الجيل السوري الجديد الذي ينمو ويصعد في الأردن وأماكن اللجوء، في ظل ظروف عائلية قاهرة، وشروط اقتصادية-اجتماعية قاسية، بلا أي اهتمام حقيقي من المؤسسات الوطنية والدولية المعنية بالأمر. فكل الجهود اليوم تذهب نحو تأمين أساسيات الحياة، وما يزال هناك عجز كبير في ذلك، بينما لا يلتفت أحد إلى حجم التحدي الحقيقي المقبل بعد 5 أعوام أو أكثر، مع جيل اللاجئين القادم، إن استمرت الأمور على هذا المنوال!
من الضروري أن يغيّر الأردن مقاربته نحو مسألة اللاجئين، وأن تطلق صفّارات الإنذار من الآن.

الغد 2014-12-22



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات