حول زيادة الرسوم على التبغ والكحول
ليس صحيحاً أنه كلما تم تخفيض معدلات الضرائب كلما ارتفعت الحصيلة كما يقول أصحاب مدرسـة اقتصاديات جانب العرض. قد يكون هذا صحيحاً في حالة التطرف ، فإذا ارتفعت نسبة الضريبة إلى 100% فإن الحصيلة ستكون صفراً.
لكن هناك قـدراً من الحقيقـة في بعض المراحل ، فارتفاع الرسوم الجمركية على بعض الأصناف يجعل عمليات التهريب أكثر جـدوى وربحيـة ، مما يقـلل حصة البضاعة التي ترد بالطرق الرسمية وتخضع للضريبـة وبذلك تنخفـض الحصيلة بـدلاً من أن ترتفع.
ليس أدل على ذلك من توسـع عمليات تهريب التبغ والمشروبات الكحولية ، ذلك أن نسبة كبيرة مما يستهلك في الأردن منها لا يدفـع أية رسوم جمركية لأنه إما أن يكون مهرباً ، أو مشـترى من السـوق الحرة ، أو مسـتورداً باسم جهات معفاة من الضريبة كالسفارات.
تخفيض الرسـوم في هـذه الحالة من شأنه أن يقلل جدوى التهريب ، فتزداد حصة المواد المسـتوردة بالطرق الشرعية التي تدفع ضريبة معتدلة ، مما يرفع الحصيلة.
عندما كان الدكتور ميشيل مارتو وزيراً للمالية في عهـد ليس ببعيد لاحظ هذه الظاهرة عندما وجد أن حصيلة الرسـوم الجمركية على الساعات والعطور وربطات العنـق تقترب من الصفر ، فقرر تخفيض الرسـوم على هذه المواد الكمالية بشكل ملموس فكانت النتيجـة توقف التهريب وارتفاع الحصيلة الجمركية.
يبـدو أن الحكومة لا توافق على هذا التحليل ، فقد قررت في زيادة الرسوم الجمركية على التبغ والمشروبات الكحولية ظناً منها أن ذلك سوف يقلل استهلاك هـذه المواد الضارة صحياً ويوفر المزيد من الإيرادات لصالح الخزينة ، مع أن العكس صحيح ، ذلك أن التهريب والتهرب من الضريبة على التبغ والمشروبات كانا يسيران على قـدم وسـاق في ظل الرسوم العالية جـداً الراهنة ، ولذا فإن رفعها مجـدداً ، لن يخدم سوى المهربين ، وسـتكون النتيجة خسارة إضافية للخزينة.
تقليل اسـتهلاك هذه المواد لأهداف اجتماعية يحتاج قـدراً من التوعية ، أما زيادة حصيلة الضريبة فتحتاج لتخفيض الرسوم العالية لا زيادتها.