روسيا مصدر الإدانة
لم يُلحِق أحد أذى بالنظام السوري أكثر مما ألحقته روسيا به، وهي تتظاهر وتدّعي أنها تدعمه وتحميه. وقد جاء هذا الأذى من مبادرتها لنزع السلاح الكيماوي السوري، وكأنها تثبت للعالم أن النظام السوري هو الذي استخدمه ضد المدنيين السوريين، في الوقت الذي تدعي فيه أن المعارضة هي التي استخدمته ضدهم. إذا لم يستخدم النظام السوري السلاح الكيماوي ضد شعبه كما تدعي، فلماذا تهب لنزع هذا السلاح؟ لماذا تربط بين نزع هذا السلاح والحادث الكيماوي؟
وقد تضاعف الأذى بموافقة النظام السوري المتسرعة على هذا النزع، وكأنه يقول "التوبة، لن أستعمله مرة أخرى"، في الوقت الذي ينكر فيه استخدامه ويتهم المعارضة به. ما دام لم يستخدمه، فكيف يتخلى عنه قبل تخلي إسرائيل عن أسلحة الدمار الشامل التي تملكها؟
إن المبادرة الروسية وموافقة النظام السوري المتسرعة عليها توحيان بالعكس، أي بالاعتراف الضمني باستخدامه، وإلا فإنه يجب نزعه من المعارضة التي يدعيان أنها هي التي استخدمته لا النظام.
تُرى هل أتت هذه المبادرة الروسية كهدية من روسيا لإسرائيل، لتغذية حسابها عندها وعند أميركا، لأن إسرائيل هي المستفيد الأول منها؟ لقد قدمت روسيا بهذه المبادرة التي رحبت بها إسرائيل وأميركا باللسان والقلب واليد، أكبر خدمة روسية لإسرائيل في تاريخها، وربما لا تقل قيمة أو أهمية إستراتيجية عما قدمته أميركا لها من دعم. هذا بالإضافة إلى تقديمها سابقا أكبر هدية بشرية مؤهلة ومتطرفة لها، عندما سمحت لأكثر من مليون روسي متعلم بالهجرة إليها من دون قيد أو شرط.
الحق أقول لكم، إن جميع السياسيين في الغرب، من روسيا إلى أوروبا إلى أميركا، عملاء أو جبناء -لسبب أو لآخر- للصهيونية وإسرائيل.
***
أول من كفّر المسلمين في التاريخ هم الخوارج (الذين خرجوا على سيدنا علي بن أبي طالب في معركة صفين بينه وبين معاوية بن أبي سفيان). فقد كفروا علياً -كرم الله وجهه- وأتباعه، ومعاوية -رضي الله عنه- وأتباعه، لأنهم لم يخضعوا لرأيهم. وبالتكفير أحلوا قتل الجميع؛ فاغتالوا علياً، وفشلوا في اغتيال معاوية؛ فنشأ المحراب منذئذ في المسجد لوقاية الإمام في أثناء الخطابة والصلاة. ويعتبر قطري بن الفجاءة التميمي أحد أبرز قادتهم وشعرائهم. وقد انتخبه الخوارج الأزارقة (نسبة إلى مؤسسهم ابن الأزرق) خليفة عليهم. ويبدو أن تنظيم "داعش" يقتدي بهم.
لقد أشاع الخوارج الأزارقة الذعر والخوف والفوضى والتخريب في العراق، واضطهدوا الأهلين. وأخيراً، تم إلحاق الهزيمة الكاسحة بهم وقتل قطري في المعركة.
مناسبة هذا الكلام تعيين "داعش"، المتماثل مع الخوارج، أبا بكر البغدادي خليفة. وكذلك العثور على حوار شعري لقطري في لسان العرب بينه وبين خارجي متقاعس عن القتال لقبه أبو خالد:
أبا خالد! انفر فلست بخالد
وما جعل الرحمن عذراً لقاعد
أتزعم أن الخارجي على الهدى
وأنت مقيم بين راض وجاحد
فرد عليه أبو خالد قائلا ً:
لقد زاد الحياة إلي حباً بناتي
إنهن من الضعاف
مخافة أن يرين البؤس بعدي
وأن يشربن زلفاً بعد صاف
وأن يعرين إن كُسي الجواري
فتنبو العين عن كرم عجاف
ولولا ذاك قد سومت مهري
وفي الرحمن للضعفاء كاف
أبانا من لنا إن غبت عنا
وصار الحي بعدك في اختلاف
الغد 2014-12-26