الأزمة العالمية ليست السبب
الأزمة العالمية بدأت بانفجار الفقاعة العقارية وانهيار أسعار المساكن بحيث توقف المقترضون عن تسديد قروض إسكانية أصبحت أكبر من قيمة مساكنهم الممولة بتلك القروض، وهذا ما لم يحدث في بلدنا، ولم نسمع عن أردني اشترى شقة بتمويل بنكي ثم رفض التسديد وأعاد الشقة إلى البنك المرتهن.
والأزمة العالمية تمثلت بإفلاس البنوك العملاقة مما اضطر الحكومة لدعمها بامتلاك نسبة عالية من أسهم رأسمالها، وتزويدها بالقروض والتسهيلات بسعر فائدة لا يزيد عن ربع الواحد بالمائة، أما البنوك الصغيـرة فقد تساقطت بالعشرات. وهـذا ما لم يحدث في الأردن، فلم تقدم الحكومة أو البنك المركزي ديناراً واحداً لدعم البنوك وتعزيز سيولتها بل على العكس تم وضعها تحت الضغط لكي تستعمل سيولتها الزائدة في الإقراض.
والأزمة العالمية تمثلت بارتفاع معـدل البطالة إلى ضعف المعدل السابق، وانخفاض النمو الاقتصادي إلى معدلات سالبة، وهذا ما لم يحدث في الأردن، فمعدل البطالة مستقر عند مستواه السابق، والنمو الاقتصادي كان إيجابياً وبنسبة تزيد عن معدل النمو السكاني، مما يعني عدم انخفاض مستوى المعيشة.
الأزمة العالمية دفعت الحكومات المعنية إلى تخصيص مبالغ هائلة لتعويم شركات التأمين والشركات الصناعية الكبرى وتحفيز الاقتصاد، وهذا ما لم يحدث في الأردن، بل على العكس من ذلك فقد تم فرض أعلى الضرائب على البنوك وشركات التأمين والاتصالات، كما أن الحكومة تفكر حالياً بفرض مجموعة جديدة من الضرائب والرسوم لتخفيض عجز الموازنة.
العوامـل التي سـببت الأزمة في أميركا وأوروبا لم تحدث في الأردن، والمظاهر التي أخذتها الأزمة هناك ليس لها مثيـل هنا، والإجراءات التي اتخذتها الحكومات هناك لم تلزم هنا.
القول بأن تباطـؤ في النمو الاقتصادي، وتراجع بعض المؤشرات الاقتصادية عائـد للأزمة العالمية إهانة لذكاء الأردنيين، فهناك أسـباب وعوامل داخلية، فدعونا نشخص المشكلة المحلية من منظور محلي، ونعترف بالتخبط والفساد في بعض اوجه إدارة الاقتصاد الوطني والمالية العامة، بـدلاً من لـوم عوامل خارجية ليس لنا بها علاقة مباشرة.