عن المفاوضات غير المباشرة
اجترح الأميركيون أخيرا صيغة التفافية لتجاوز الحائط الذي اصطدم به استئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين بمقترح المفاوضات غير المباشرة لفترة 3 – 4 اشهر، فنجاح المفاوضات غير المباشرة في تحديد أطر الحلّ سيعني موضوعيا تجاوز عقدة الاستيطان. وفي هذا السياق يريد الفلسطينيون من الأميركيين الاتفاق على قضية الحدود أولا من بين قضايا الحلّ النهائي بما يلغي أهداف التوسع الاستيطاني اذا ما طالت المفاوضات أو تعثرت حول بقية القضايا.
في لقاء بضيافة د. أسعد عبد الرحمن ومؤسسة فلسطين الدولية حصلنا من نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية على معلومة جديدة وهي أن الاسرائيليين يريدون للخطوات المتعلقة بتحسين الأوضاع في الأراضي المحتلة أن تكون من ثمار المفاوضات غير المباشرة، وهو على ما يبدو نوع من الالتفاف على الإصرار الفلسطيني على الذهاب إلى قضايا الحلّ النهائي وعدم العودة أبدا إلى الحلول الجزئية والمرحلية.
لا بأس بالمفاوضات غير المباشرة لأمد محدد والتي يرى رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني أنها مجرد خطوة لحفظ ماء الوجه من قبل واشنطن بعد وصولها إلى طريق مسدود، لأن الموقف الفلسطيني هو أيضا في طريق مسدود بلا بدائل إذ وضع الأميركيون (والعرب ايضا؟!) الكرة في ملعب عباس للتراجع عن شرطه الشهير بالوقف الكلي والشامل للبناء الاستيطاني. والمفاوضات غير المباشرة عبر الوسيط الأميركي تنقذ السلطة من التراجع عن شرطها وتمنحها المزيد من الوقت والفرصة لاختبار النوايا بوجود الأميركيين طرفا مباشرا ومسؤولا عن الوصول الى تفاهم على أطر الحلّ ومرجعياته قبل الانتقال إلى المفاوضات المباشرة. وقد أراد عباس شراكة عربية خصوصا مصرية وأردنية في القرار وقد تم التفاهم على طلب بعض التوضيحات من الإدارة الأميركية قبل إعطاء الموافقة الفلسطينية – العربية.
يمكن المضي قدما في لعبة القط والفأر هذه شرط ان يعرف (ويقرر) الفلسطينيون والعرب ماذا سيفعلون في مدى محدد ولحظة مقررة ربما تكون عدم الوصول الى نتيجة مرضية في نهاية المفاوضات غير المباشرة، وهو الأمر المرجح مع حكومة نتنياهو- ليبرمان!
إلى جانب المفاوضات غير المباشرة يريد الأميركيون سلسلة خطوات هي بصورة ما النبضة الثالثة من أوسلو التي تعطلت لسنوات حيث تقوم اسرائيل يتحويل مزيد من الأراضي من المناطق ج الى ب ومن المناطق ب الى أ التي تقع تحت السيطرة الكاملة الادارية والأمنية الفلسطينية، والسماح بإدخال المواد الغذائية ومواد البناء إلى قطاع غزّة. وهذه إجراءات يجب أن تقوم بها إسرائيل كمقدمة لإطلاق المفاوضات لا أن تكون موضوعا على الطاولة تقدمه اسرائيل لاحقا كإنجاز للمفاوضات وربما فتح الباب للمضي قدما في التفاوض على حلول مرحلية وفق تحذير نايف حواتمة.