لـمـــاذا صــَمَـــت الإخــــوان ؟!
انتظر الأردنيون بصبر المؤمنين رد فعل جبهة العمل الاسلامي ومن قبله جماعة الاخوان على حادثة أسر الطيار معاذ الكساسبة ابن القوات المسلحة وابن كل بيت أردني على امتداد الوطن، وكانت المفاجأة ان الجماعة اعادت نشر فتوى علمائها بعدم شرعية المشاركة في الحلف العالمي على تنظيم داعش وبحرمة المشاركة في العمليات العسكرية ضد التنظيم الاسلامي الذي لا ينظر بعين الاحترام الى الجماعة الإخوانية بل ويعتبرها هدفه القادم إبان كانت فروعهم المصرية تحكم ارض الكنانة، ومضى الوقت واستمر صمت الجماعة في ظاهرة باتت مكررة من التنظيم الديني حيال الازمات المحلية.
الجماعة لم تخالف عادتها في الصمت على أوجاع الاردنيين ولم تخالف نهجها في الالتفات الى الخارج بعين مفتوحة واغماض العين عن الداخل وتقديم اجندتها على اجندة المواطن الاردني وحاجته، لكن الصمت هذه المرة اقرب ما يكون الى القطيعة مع الشارع الشعبي المتوجع لأسر احد ابنائه، فالعسكر ملح الارض والقاسم المشترك بين الاردنيين جميعا، والصمت على المستوى الانساني مرفوض فثمة شاب حبيب الله ينتظره مصير غامض بحكم طبيعة التنظيم الذي يأسره، وإن كنا على ثقة بأن دولته ورفاق سلاحه ومن خلفهم شعب لن يترك احد نسوره مهما كان الثمن سواء فدية سيشارك بها كل بيت اردني او تبادل سيوافق عليه الجميع او غير ذلك.
معاذ الكساسبة ليس استثناء لكنه الآن وجع خاص لكل اسرة اردنية ووجع عام لوطن يرى احد نسوره في قفص الاسر، ومع ذلك يصمت تيار سياسي واسع عن الحديث، ولم يصدر مجرد موقف ولو على المستوى الانساني، فالمرحلة الآن لا تقبل الصمت من اي تيار سياسي اسلامي كان ام يساري ام قومي، وكالعادة خذلت المعارضة ناسها ونفسها حين صمتت عن الكلام المباح وادخلت حياة شاب في اتون الخلافات السياسية في خطوة اقل ما توصف بالغباء السياسي ورحم الله وصفي التل حين قال الغباء والخيانة يتساويان، ونعيذ انفسنا ان نتهم أحدا بالخيانة ولكنه القصور الموجع حد الالم من صمت احزاب المعارضة وتركها فرصة للتعبير عن صدق اقوالها والغاء دائرة التشكيك بكل مواقفها، فحياة الاردني اغلى من كل الحكومات واغلى من كل الاحزاب.
الجماعة الاخوانية تيار ديني سياسي نما في حضن المجتمع الاردني وحنا عليه المجتمع وسنده ودعمه بكل ما استطاع بل وخاض حربه مع الحكومات التي زورت ضده وضيّقت عليه، فما بال الجماعة تصمت عندما جاءه الهَم بأسر نسر من القوات المسلحة التي لم تكن يوما الا سندا للوطن ولم تتلوث بالسياسة ونكاياتها وكيف نقبل الصمت من حزب تاريخي على وجع مسّ كل بيت وكل عائلة وكل عشيرة والقول ينطبق على باقي احزاب المعارضة التي تصمت عن الكلام في كل مأزق وطني، وبعدها تبكي لماذا يبتعد الناس ولا يتواصل معها، واظنها الآن تعرف السبب.
في الموروث ثمة قصة عن الضفدع والحرذون الذي يحظى بقلة احترام وعطف الناس لموقفه السلبي في حادثة حرق سيدنا ابراهيم حين كان ينفخ على النار التي اشعلها المشركون لحرق ابي الانبياء وهو يعلم انه لا يزيد النار اشتعالا ولكنه اثر الوقوف مع الباطل، عكس الضفدع الذي صار يحمل قطرات الماء كي يساعد في اطفاء النار التي اشعلها المشركون لحرق سيدنا ابراهيم وهو يعلم انه لن يطفىء النار، لكنه الموقف حتى لو كان الاثر قليل، ونحن نعلم ان احزاب المعارضة وعلى رأسها جبهة العمل والجماعة لن تقدم شيئا للنسر الاردني معاذ لكنه الموقف الذي سقط فيه تيار واسع كنا نطمح ان يكون الى جوار شعبه.
معاذ له دولة وجيش وشعب ولن يضيع الله جهودهم وسنراه بيننا قريبا بإذن الله والحسرة على الغائبين.
(الدستور 2014-12-27)