ازدحام السير
ازدحام السير في عمان أصبح مشكلة كبيرة تقلق المواطنين وتلحق بهم أضرارا أقلها فوات المواعيد وعدم الوصول في الوقت المحدد.. بالإضافة للأضرار المادية من صرف بنزين واحتمال الحوادث وغير ذلك. وينشأ هذا الازدحام من كثرة السيارات التي تشغل الشوارع؛ ذلك لأن أي عائلة ميسورة يمتلك أفرادها سيارات بعدد البالغين منهم.. فكل عائلة من هؤلاء لديها أربع أو خمس سيارات أو أكثر.
وهذا الوضع أصبح لا يطاق.. حيث ينجم عنه أضرار مادية -سبق الإشارة إليها- وأضرار نفسية لدى السائق من شدة الغضب والارهاق الذي يقاسيه واقفا تحت الشمس الحامية أحيانا وتحت المطر الغزير احيانا أخرى. وهذا الوضع لا ينفرد به الازدحام في عمان بل موجود في معظم عواصم العالم والمدن الكبرى.
وقد تغلبت بعض الدول على هذا الوضع بالأنفاق والجسور أو باقتصار السير على سيارات رقم فردي في يوم ورقم زوجي في اليوم الثاني.
ولكن الوضع الأخير -غير مقبول بالنسبة لعدد كبير من الناس- لأن الغالبية العظمى من المواطنين يملكون سيارة واحدة.. ولذلك فهم يستعملونها يومياً ولا يستطيعون عدم استعمالها يوما آخر؛ لأن ذلك يعيق مصالحهم ويضر بأحوالهم الاقتصادية والاجتماعية.
وفي حالة -عمان- فإن الحل المعقول في نظري هو إقامة الجسور والأنفاق الكثيرة في مناطق الازدحام الكثيرة.
ورغم أن مثل هذا الحل مكلف مادياً وقد لا تستطيع أمانة عمان تحمل تكاليفه الباهظة -ولكن يمكن عمل ذلك بالتدريج- حيث يتم في كل سنة إقامة جسر ونفق فقط.. حتى ينجز كافة الجسور والأنفاق مهما بلغ عددها ومهما بلغت الحاجة إليها.
وهناك طبعا حل آخر أقل ضررا وأكثر فائدة للبلد والمواطن، وهو استعمال المواصلات العامة من قبل المواطنين.
فمعظم المدن الكبرى والعواصم في العالم تلجأ إلى بناء محطات القطار تحت الأرض أو فوق الأرض أو شبكة حافلات لها محطات معينة للوقوف. وأذكر أنه عندما كنت أميناً للعاصمة بالوكالة سنة -1977- خطرت ببالي فكرة القطارات تحت الأرض فاستدعيت الملحق التجاري الفرنسي لمقابلتي وعرضت الأمر عليه وبعد التشاور مع حكومته جاء بعرض يتضمن إقامة قطار تحت الأرض في معظم أنحاء عمان على أن تتكلف الحكومة الفرنسية بجميع النفقات والمصاريف مقابل استغلال الخط لحسابها مدة عشرين سنة.
وقد شكلت لجنة من خبراء في الأمانة ودرست العرض ووافقت عليه لأنها رأت أنه لا يحمل الأمانة أي أعباء.
ولدى عرض الأمر على رئاسة الوزراء للموافقة على كفالة الأمانة في هذا الأمر حسب طلب الحكومة الفرنسية رفضت الحكومة الأردنية القيام بالكفالة وهكذا أضاعت الفرصة على عمان ولا تزال ضائعة حتى الآن؛ لقصر نظر بعض الجهات المسؤولة وعدم قدرتها على تحمل المسؤولية.
(السبيل 2014-12-27)