سنة مذبوحة الرأس

تم نشره الأحد 28 كانون الأوّل / ديسمبر 2014 12:58 صباحاً
سنة مذبوحة الرأس
خيري منصور

الإحصاءات التي نشرت تباعا بمناسبة العام الجديد عن أعداد المسيحيين العرب الذين هُجّروا تعدّ بكل المقاييس الإنسانية والقومية كارثية، فقد فرغت أو أوشكت أن تفرغ منهم مناطق عاشوا فيها آلاف السنين كما هي الحال في العراق، فالكنائس هذا العام يرشح الحزن والصّمت من أجراسها، وقد تبني فيها الطيور أعشاشا كي تشهد على أن الغربان لن تستفرد بالفضاء، فأعداء الأرض والسماء معا احتفلوا هذا العام على طريقتهم، بذبح البشر ومطاردتهم والتهام لحوم أطفالهم نيئة، والاتجار بنسائهم وأعضائهم تحت شعارات يقطر منها الدم والكذب .
تماما كما احتفلوا بالعيدين الفطر والأضحى بما استبدلوه من رقاب الخراف برقاب الناس، والحزن هذا العام يمتد كخيط من البنفسج من بيت لحم المحاصرة وكنيسة القيامة التي يُصلب فيها السيد المسيح مرة اخرى الى الشام والعراق، حتى في ليبيا عبر أعداء الأرض والسماء عن وحشيتهم بذبح عائلة قبطية من مصر، فالسكين الأعمى يؤاخي بين ضحاياه من مسلمين ومسيحيين، لهذا فإن الارهاب المدجج بكل هذه الكراهية يأكل نفسه، ويرتد عليه رصاصه وكل ما يقترفه من جرائم، وحين يعلن الاردنيون جميعا ان الطيار الشاب الاسير معاذ هو اسم حركي لكل ابنائهم وانه في كل بيت من بيوتهم فهذا احد الرّدود المتوقعة على إرهاب يصرّ على الانتحار .
انها سنة مذبوحة الرأس والدم ينزف من كل لياليها؛ لأن القتلة وأعداء الأرض والسّماء لم يصلوا الى مكان الا وحولوه الى مأتم، وكل ما حصدوه حتى الآن هو توحيد ضحاياهم وورثة الدم ضدهم، بأنْ أصبحوا مطلوبين أحياء أو موتى لكل يتيم وثاكل وأرملة من أبرياء لا ذنب لهم سوى الإقبال على الحياة والانحياز للشروق ضد غسق الاحتضار والظلام .
ولو استطاعوا لحوّلوا كل أعراس العالم الى مآتم، وكل متاحف العالم ومعابده وجامعاته إلى أطلال؛ لأنهم غربان تعشق الخرائب ولا تستطيع النعيق إلا فوقها .
سنة ذبيحة الرأس، لكن التاريخ لا يُختزل الى عام او عقد او قرن، ولو استطاعت سلالة الخفافيش ان تنتصر في التاريخ لما كان العالم الآن حيث هو، لكنهم موجات تتكسّر تباعا وتظهر موسميا كي تعيد الناس الذين تناسوا الجهة التي تهب منها رياح السموم إلى رشدهم ..
سنة ذبيحة الرأس لأن الصمت المبلل بالدمع ينزف من أجراس كنائسها !

الدستور 2014-12-28



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات