دع ما يريبك الى ما لا يريبك
أسأل اخوتي الذين يرون ألّا ناقة لنا ولا جملا في الحرب على الارهاب، ما هو دليلكم على ما ترونه صوابا، فإن كان مقنعا اقتنعنا معكم، فليس لنا مصلحة في مُجانبة الصواب، لا بل؛ ان مصلحتنا الوطنية هي في التزام جادة الصواب ونهجه والعمل من اجله.
منطلقات اخوتي المطالبين بعدم "القتال خارج الاسوار" والحدود، هي منطلقات وطنية صرف، أساسها ان لا ننجر الى حرب ليست حربنا وان لا ننجرف وراء المخططات الاميركية التي هي على مقاس مصالح اميركا وإسرائيل فقط، من دون أي اعتبار لمصالح اصدقائها.
كنت أتمنى على اخوتي الداعين الى البقاء داخل الحدود والاسوار وعدم الانخراط في حرب ليست حربنا، وعلى الذين يأخذون على قيادتنا ارسال معاذ الكساسبة الطيار الحربي الى اوكار الارهاب، ان يطبقوا هذه القاعدة، فيحذروا ابناءنا، الذين التحقوا بالمنظمات الارهابية، واصبحوا فيها قاطعي رؤوس ومنتهكي حرمات ومغتصبي قاصرات، فيعلنون لهم بوضوح انها ليست حربنا، وانه لا ناقة لنا ولا جملا فيها، وان المنظمات الارهابية هي صنيعة أميركية.
هل انتم واثقون مطمئنون متأكدون اخوتي الكرام، من ان الإرهابيين يستثنون الأردن من "تكفير الدول والأنظمة والفصائل" ولا يستهدفونه؟ ويستثنوننا من التكفير ولا يخرجوننا من الملّة؟
هل حصلتم اخوتي الأحباء على عهد لا لبس فيه ولا مراء بأن يتوقف الارهابيون على حدودنا الشرقية فلا يحاولون تجاوزها، وان يعسكروا على حدودنا الشمالية، فلا يحاولون مغافلتنا لعبورها، كما فعلوا بالأمس القريب؟
هل تعتقدون ان الأردنيين الذين استُطلعت آراؤُهم واعتبر 90 % منهم داعشَ خطرا على الأردن وتهديدا له، على خطأ وجهل وانحياز لأميركا، وانهم مع ان يخوض وطنهم حربا ليست حربه!؟
نعم؛ نحن ننكش عش الدبابير، ولكننا نتحوط لذلك باقصى درجات التحوط على قاعدة "لا يغني حذر عن قدر" لأن الدبابير التي ننكش اعشاشها لا تخشى في القتل والدم والإرهاب لومة لائم، ولأنها، لن تتفادانا حتى لو فعلنا نحن واغلقنا علينا متاريسنا وابوابنا وقلنا: نحن ومن بعدنا الطوفان".
ستظل قوى الارهاب تبحث عن غفلة من عيون الحرس، وعن ثغرة في جدارنا، وستظل تُحوم وتزنّ على حدودنا وفنادقنا واسواقنا ومدارسنا وجامعاتنا، فهم "شريبة دم" من قماشة من فجّر فنادقنا، ومِن تكوين مَن اغتال مئات الأطفال في مدرسة بيشاور ومِن نسغ مَن يحاصر "كوباني" ومِن ماركة مَن يقطع الرؤوس ويسترقّ البشر ويستحل الحرمات.
اننا، اخوتي الكرام، نوكل امننا، باطمئنان كامل، الى جهاز نعرفه – ويعرفنا!- كلنا يسمى "المخابرات العامة الأردنية"، جهاز كفؤ محترف مختص، يضم خيرة أبنائنا واصلبهم عودا، خبرناهم في الاهوال كلها "طيور شلوا دوّاسي الظلمة"، جهاز تولى امر امننا وتجلّى متمكنا مقتدرا يُتقن التعاطي مع مختلف الظروف والمتغيرات ومع النوائب والتحديات، انجز لنا امنًا وامانًا صارا مضرب الامثال.
لماذا اذن لا نتبع الحكمة العربية الواضحة: دع ما يُريبك الى مالا يُريبك ؟!
العرب اليوم 2014-12-28