الكل يسأل عن «باتريسيا»
«باتريسا» التي كان من المقرر أن تزورنا يوم الثامن والعشرين من الشهر لم تطل برأسها ما دفع أهل البلد بالسؤال عنها في استعجال لرؤية الذهب الأبيض الذي لطالما حمل في طياته معاناة إضافية بسبب عدم الاستعدادات من الجانب الرسمي وعوز الأسر الفقيرة التي تكاد تسلم في الصيف فكيف في البرد القارس.
العاصفة «باتريسا» خالفت توقعات الخبراء في الأرصاد الجوية واستبدلت الأيام القليلة الماضية بدفء وشمس ساطعة وسط توقعات بأن يكون موعدها مع اليوم الأخير من العام الذي سينقضي بمزيد من المآسي سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي.
المنخفضات الجوية على مدار فصول الشتاء كان يوازيها منخفضات حكومية ودبلوماسية وعلى الأصعدة كافة خلفت جوا مشحونا بالتوتر والخوف والرهبة من قادم الأيام وسؤال عريض عما ستواجهه الأجيال القادمة.
ينتقد البعض تلك الصورة السوداوية للوضع ويلومون من يتعرض لها أو حتى الخوض فيها وكأننا نعيش بسلام مع أنفسنا قبل أن نكن العداء لمن حولنا أو هؤلاء الذين يتعرضون لنا على الدوام حتى لو كنا مسالمين.
كثيرا تحدثنا عن الجزء «المليان» من الكأس وكثيرا طرحنا التفاؤل قبل التشاؤم، لكن في كل مرة نصطدم بواقع مرير ومؤسف والعجيب أنه من صنع سياساتنا وليس رغم عنا ونواصل السير في الاتجاه الخاطئ كل مرة.
الخلط بين التعاطف مع الطيار معاذ الكساسبة ومعارضة دخول الأردن في تحالف دولي ضد الإرهاب فيه شيء من الغفلة أو الاستغفال فلكل شأنه وكل صاحب رأي من حقه أن تحترم توجهاته وقناعاته وإلا كيف نردد دوما بأننا بلد ديمقراطي.
صحيح أن هناك من يصطاد في الماء العكر وهؤلاء قلة محدودة وبالمناسبة معروفة ولا يجوز التعميم، فالانتقاد الموضوعي -كان في السياسة أم في الاقتصاد وفي الاجتماع- في النهاية إيجابي ولولا ذلك لتم تضليل أصحاب القرار وبقينا ندور في نفس الدائرة الضيقة والمغلقة.
في كل الأحوال أهلا «باتريسيا» جاءت أم لا ونرجوها أن تكون هذا الشتاء اقل وطأة وألا تحمل معها الأمطار والثلوج التي أصبحنا نراها قاسية كقسوة الساسة وإذا اجتمع الاثنان على تلك الطبقة الفقيرة كل مرة فلن تجد تلك العاصفة من يسأل عنها بعد ولولا وجود بصيص أمل لما افتقدها أحد الآن.
السبيل 2014-12-30