المراهقة السياسية في نقابة المعلمين
والسياسي لا تُفلح المراهقة في تحقيق شيء، وانما العكس، فقد تعود بنتائج وخيمة على الاطراف المراهقين الذين يعتقدون انهم بهذا الاسلوب يحققون شيئا ما.
في العمل النقابي والسياسي، يحتاج الأمر الى رؤية واضحة، واهداف محددة، واختيار موفق للوقت في رفع الشعار او الانحناء للعاصفة.
تعود بنا نقابة المعلمين التي تسيطر جماعة الاخوان المسلمين على قيادتها، هذه الايام الى مربع التهديد بالاضراب، لأن وزير التربية والتعليم لم يف بوعوده، لا للنقابة، ولا للجنة النيابية التي توسطت بين الطرفين لانهاء الاضراب الاخير قبل اشهر، وفي بداية العملية التدريسية.
لا نسمع عن جهد لنقابة المعلمين إلا التهديد بالاضراب، وتنظيم رحلات الحج والعمرة، وعمّا فعلت وكيف درست ملف اكثر من 300 مدرسة لم ينجح منها احد، في الثانوية العامة السنة الماضية، فلم يصلنا ان مجلس النقابة وقف امام هذه الكارثة.
حتى القضية الساخنة التي وقعت في احدى مدارس الرصيفة الاسبوع الماضي، ووثقتها فضائية رؤيا، عندما قام مدير مدرسة بضرب الطلاب بطريقة بشعة، وامام معلمي المدرسة وطلبتها، فلم يصدر بيان شجب لهذا السلوك الذي يجب ان تقف النقابة ازاءه، لانه لا يهدد سلامة الطلاب فقط، بل يهدد الحالة النفسانية للطلبة عامة، بعد انتشار الفيديو على نطاق واسع.
لسنا ضد نقابة المعلمين، بل كنا مع هذا المطلب العادل الذي تأخر أكثر من خمسين عامًا، بإنشاء نقابة مهنية، ولسنا ضد ان يكون للاحزاب وجود في النقابة، لكن لا يجوز باي شكل من الاشكال توظيف النقابة في معارك الحزب الذي يسيطر على مجلس ادارتها، مهما تكن توجهاته، اخوانية ام بعثية ام يسارية.
لا تضيّعوا الحماس الذي أبدته القوى السياسية والنقابية والشعبية بالدعم الواسع لمطالب المعلمين في إنشاء نقابتهم، إلى كسب جهات معادية لعمل النقابة، وأقصد بذلك أولياء أمور طلبة المدارس، الذين لن يتفهموا موقف المعلمين بوضع مستقبل أبنائهم وسيلة ضغط لتحقيق هدفهم بإنشاء نقابة لهم.
في الدول المتحضرة، التي وصلت فيها الحياة النقابية إلى أعلى درجات التطور، ابتكروا وسائل عديدة للإعلان عن الإضراب، خاصة في القطاعات التي لا تحتمل إضراب العاملين فيها، كالأطباء والممرضين مثلا، وكذلك المعلمين الذين يرسمون مستقبل الأجيال القادمة.
اليابانيون مثلا؛ ابتكروا وسائل متحضرة لإضرابات أكثر تحضرا، ففي بعض القطاعات الحساسة يلتزم العاملون كلهم في ذلك القطاع بدعوة الجهات التي تمثلهم للاضراب، من خلال وضع شارة على اليد بلون معين تحدده النقابة، تؤشر من خلالها إلى أن هذا الموظف أو العامل ملتزم بالاضراب، لكنه في الوقت نفسه يؤدي عمله بتفان واخلاص حتى لا يحسب عليه أنه عطل العمل، وأوقف عجلة الانتاج.
العرب اليوم 2015-01-01