تفاقم الدين العام الأجنبي
ارتفاع الدين العام بالدينار الأردني لحساب البنوك المحلية ليس مرغوباً فيه ولكنه ليس خطيراً ، فالأردن يكون قد اقترض من نفسه ، والعجز عن الوفاء بهذا الدين غير وارد بوجود البنك المركزي وقدرته غير المحدودة على الدفع.
وحتى لو عجزت الخزينة عن سداد ديون محلية ، فإن صندوق النقد الدولي لا يتدخل ، ولا تلزمنا خدماته أو شروطه.
أما الدين العام الخارجي ، المحرر بعملات أجنبية ، فيمثل حالة مختلفة يمكن أن تشكل خطورة على الاستقرار الاقتصادي والأمن المالي ، لأن العجز عن السداد يظل احتمالاً واردأً في ظل عدم قدرة الأردن على خلق عملات أجنبية لاستعمالها في التسديد.
باختصار: الدين العام بجميع أشكاله سيء إذا تجاوز الخطوط الحمراء ، ولكن الجزء الأجنبي منه يشكل خطورة ، فلا يجوز التوغل فيه ، خاصة وان لدينا تجربة مرة حصلت في عام 1989 عندما نضبت العملة الأجنبية من البنك المركزي ، واصبح سعر الدولار يتصاعد يومياً ولا يتوفر إلا في السوق السوداء ، وأغلقت البنوك العالمية خطوط الائتمان الخاصة بالبنوك الأردنية ، وصارت تطالبها بدفع تأمين 100% قبل أن تفتح لها اعتماداً مستندياً وكانت النتيجة استدعاء صندوق النقد الدولي الذي جلس على صدورنا لمدة 16 عاما.
تشير الأرقام الرسمية إلى أن الدين العام الخارجي أخذ يتفاقم خلال السنتين الاخيرتين بشكل غير مسبوق ، فقد ارتفع من سبعة مليارات من الدولارات في نهاية 2012 إلى 2ر10 مليار دولار في 2013 وهو يناهز 2ر11 مليار دولار في نهاية أيلول الماضي وبدلاً من أن يشكل أقل من 20% قفز إلى 38% من إجمالي المديونية ، فماذا بعد؟.
حتى قبل أن يبدأ سداد أقساط القروض الأجنبية الجديدة فإن خدمة الدين العام الأجنبي من أقساط وفوائد ارتفعت خلال 12 شهراً لغاية أيلول الماضي بنسبة 80%.
صفارات الإنذار لم تنجح حتى الآن في إيقاظ الفريق الوزاري الاقتصادي ، وما زالت الحكومة تبحث عن قروض خارجية بكفالة أجنبية لمجرد شراء الوقت وترحيل المشاكل للمستقبل وتأجيل المواجهة.
في آخر تقرير للبنك الدولي حول الاقتصاد الأردني وصف البنك سرعة ارتفاع الدين العام الأجنبي بأنها مذهلة.
رد غرفة تجارة عمان على مقال «مناشدات أم تحريض» لـ د. فهد الفانك
رد على مقال د. فهد الفانك المنشور بصحيفة الرأي بتاريخ 31/12/2014
سعادة رئيس تحرير صحيفة الراي المحترم
تحية طيبة وبعد
عملاً بحرية الرأي والنشر، ارجو التكرم بنشر الرد التالي على مقال الدكتور فهد الفانك المنشور في عدد الرأي يوم الاربعاء 31-12-2014 تحت عنوان « مناشدات ام تحريض» ، متمنيا ان يتم نشره في نفس مكان المقال.
بداية، يلمح الدكتور الفانك في مقاله المذكور الى موقف القطاع الخاص من خلال بعض الاعلانات الصحافية التي نشرها لتوضيح موقفه الرافض من قانون الضريبة بأنه يقوم بهذا العمل من باب التحريض وليس المناشدة، وانه حسب رأي الكاتب لو اراد القطاع التجاري المناشدة فلماذا لم يتوجه الى الحكومة مباشرة بدلا من الرأي العام .
من هنا تود غرفة تجارة عمان ان توضح للرأي العام، من خلال هذا الرد، ان الاعلان الذي قامت بنشره حول موقفها من ضريبة الدخل هو ليس اعلانا للتحريض كما يصوره الكاتب الذي انحرف في تحليله الى الوجه السلبي ، وانما هو اعلان مناشدة موجه الى رئيس واعضاء مجلس الاعيان والجهات المسؤولة بضرورة مراجعة مشروع قانون ضريبة الدخل عندما احيل للمجلس .
ان ما قام به الكاتب في مقاله المذكور فيه استخفاف بالقطاع التجاري ودوره الاقتصادي ، وفيه ابخاس واضح للقطاع الخاص عامة والقطاع التجاري خاصة ، متناسيا ان القطاع التجاري بكافة فروعه يشكل اكثر من 60 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي ، وهو المشغل الاكبر للقوى العاملة ، وهو القطاع الرئيسي المستثمر في البلاد .
ويروي الكاتب في مقاله الذي يحتوي على الكثير من المغالطات بأن المواطنين يشكون من تصرفات القطاع التجاري لانه لا يقوم بتخفيض الاسعار ويحقق ارباحا مجزية ، ويبدو ان الكاتب لا يرى في طرفي معادلة السوق سوى التاجر، متناسيا الكلف التي تحملها القطاع التجاري جراء القرارات الحكومية الاخيرة التي اثقلت كاهل التجار والمواطنين معا، يتناسى أيضاً الحديث عن اثر هذه القرارات من زيادة الضرائب والرسوم والجمارك والكهرباء على تنافسية القطاع التجاري ، ورغم ذلك واصل القطاع التجاري دوره الاقتصادي على اكمل وجه ، وتحمل مسؤولياته الوطنية بدليل ان معظم اسعار السلع والخدمات لم تتغير كثيرا في الاعوام الثلاثة الاخيرة ، وليذهب الكاتب الى دائرة الاحصاءات العامة ليجد ان معدلات التضخم كانت في ادنى مستوياتها ، والتي تتراوح ضمن معدلاتها الطبيعية ، وهو ما يؤشر الى مدى التزام التجار بحماية الامن والاستقرار الاقتصادي والمعيشي للمواطنين .
وتود غرفة تجارة عمان ان تؤكد ان خطوتها هذه كانت محصلة لعملية تفاوضية طويلة مع كافة الجهات المسؤولة عن مناقشة قانون الضريبة ، فقد اجرت الغرفة خلال العام الماضي سلسلة طويلة من المباحثات والمشاورات مع كافة الجهات الحكومية والتشريعية حول مسودة القانون ، وعقدت اجتماعات مطولة مع الحكومة على كافة مستوياتها ومجلس النواب ، خرجت هذه الاجتماعات بالكثير من نقاط التفاهم المشترك بين المشرع وبين ممثلي القطاع التجاري ، ناهيك عن الاجتماعات المطولة والدورية التي عقدت مع مسؤولي وزارتي المالية والصناعة والتجارة على كافة المستويات ، والكل كان متفهما على ضرورة الخروج بقانون يحفز النشاط الاقتصادي ويخفف في ذات الوقت الاعباء المالية على القطاع التجاري الذي عانى في الاعوام الاخيرة من سلسلة القرارات الحكومة التي شكلت تحديا على استمرارية الكثير من انشطته ، بفعل زيادة الرسوم الجمركية والضريبية والتعرفة الكهربائية عليه ناهيك عن التداعيات السلبية للاضرابات والاعتصامات المتكررة التي شهدتها المملكة في الاونة الاخيرة .
ان مناشدة غرفة تجارة عمان لرئيس واعضاء مجلس الامة من خلال اعلان صحافي هو ليس تحريضا كما يصوره الكاتب ، وانما هو استمرارا لموقف الغرفة الرافض لزيادة الاعباء الضريبية على القطاع ، وهذا ما اتفق عليه الكثير من اعضاء مجلس الامة ، الذين اعتبروا اقرار القانون هو لغايات حماية مصداقية الاردن لدى المانحين والمؤسسات الدولية ، وان الامر يتطلب اجراء تعديلات جوهرية في اقرب فرصة .
ان تصوير الكاتب مطالبات غرفة تجارة عمان بتخفيض الضريبة عليه بانه تحريض ، فيه انحراف في التحليل وقصور بمعرفة اهمية دور القطاع الخاص في التنمية ، والمقال بحد ذاته يشكل « تحريضا « على القطاع الخاص الذي يشغل ويدير اكثر من نصف الناتج المحلي الاجمالي في الاقتصاد الوطني .
من المفترض على الكاتب ان يعتبر المناشدات الاعلامية لمؤسسات الدولة اسلوبا حضاريا في التعاطي مع القضايا الاقتصادية المهمة ووسيلة ضغط حقيقية تمارس في كل دول العالم المتحضر الديمقراطي ، وليس تحريضا من كاتب يفترض ان يكون من حملة نبراس الحرية والتعبير والليبرالية الاقتصادية .
بدلا من ان يحرض الكاتب الحكومة على القطاع الخاص فليبحث في التدابير الحكومية والقرارات المختلفة على تنافسية القطاع الخاص ، وكيفية المساهمة بتحفيز الاقتصاد الوطني ، والوصول الى التنمية المستدامة التي يتطلع الجميع الى تحقيقها وعلى راسهم القطاع الخاص.
واقبلوا فائق الاحترام والتقدير
غرفة تجارة عمان
الراي 2015-01-04