العناد.. كفر

اصرار رئيس الحكومة على رفع اسعار الكهرباء مثلما تقرّر في الموازنة المالية السابقة، يخالف الاراء كلها التي طرحت خلال الاسبوعين الماضيين، ويخالف المنطق الذي يقول ان اسعار النفط في حالة هبوط غير مسبوق، كما يخالف القراءة الموضوعية لحالة الشارع الاردني النفسية.
في اليوم الاخير من العام الماضي سمعت شخصيا من مرجعية عليا ذات وزن، ان فكرة تأجيل رفع اسعار الكهرباء واردة، وان الظروف العامة مهيأة لذلك.
النواب ايضا اوصوا الحكومة بضرورة تأجيل قرار رفع اسعار الكهرباء، واتهموا رئاسة المجلس بافشال جلسة يوم الاربعاء حتى لا يسمح لهم بالحديث عن رفع اسعار الكهرباء.
الصناعيون نشروا اعلانات، ورفعوا مذكرات الى رأس الدولة تطالب بضرورة اعادة النظر في قرار رفع اسعار الكهرباء، وحذروا من قرار الرفع وانعكاساته على حياة المواطنين المعيشية.
حالة الناس في الشارع الاردني النفسية تحسنت كثيرا بعد قرار تخفيض اسعار المحروقات نهاية الشهر، ويأملون ان يصل التخفيض الى مستويات تتناسب مع الرفع الذي حصل عندما كانت اسعار النفط عالميا في العلالي، فمثلما تحملوا تكلفة الرفع يريدون جني ثمار التخفيض العالمي، لكن طريقة التفكير الحكومية يفسرها مواطنون على ان الحكومة لا تريد ان يشعر المواطن الذي يقف مع الدولة في لحظة الازمات، ان الدولة لا تقف معه في لحظات الرخاء، وهذا استنتاج خطير له ابعاده التي لا تخفى على صنّاع القرار، ومستطلعي اراء الشارع الاردني، ورضاه عن الاوضاع العامة.
يعرف الرئيس جيدا انه من غير المحبذ ان تتكاثر القوى التي تعارض سياساته وتوجهاته وقراراته، وهو لا يستطيع مواجهة غضب نيابي ومن الاعيان ايضا، وتحالف الصناعيين ضده، وعدم رضا عناصر من حلقة صناعة القرار على التوجهات الاخيرة للحكومة في رفع اسعار الكهرباء ولا في قانون ضريبة الدخل.
على الاقل؛ فإن عصب الدولة الرئيسي، مشروع قانون الموازنة بين ايدي النواب، واذا اصروا على محاكمة الحكومة على مشروع الموازنة وقرروا رده، فإن هذا اكبر تصويت على حجب الثقة عنها، وقد تدخل البلاد في سيناريو جديد لن يكون التعديل الوزاري كافيا لمعالجة اثاره، بل من الممكن ان نذهب الى التغيير الوزاري الذي يشير اكثر من مطّلع الى انه اصبح استحقاقا بعد الانتهاء من مشروع قانون الموازنة.
العناد لا يصنع سياسة، والاصرار على القرار ليس دائما جزءا من هيبة الدولة، لان التراجع عن الخطأ فضيلة، والتراجع عن قرار غير شعبي يصب في النهاية في المصلحة العامة، والرئيس من الذكاء السياسي بحيث يلتقط هذه الناحية ويسير اليها.
العرب اليوم 2015-01-04