ادع إلى سبيل ربك بالحكمة

قال تعالى «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أحسَن»..
وقال سبحانه وتعالى « وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ «..
.. وإلاّ لمَ يتوجه جلالة الملك ترافقه جلالة الملكة منذ صباح يوم الأحد الثلجي نحو باريس التي وصفها الرئيس الفرنسي أنها الآن «عاصمة العالم اليوم» للمشاركة بقوة في أكبر تظاهرات تدعو لنبذ العنف والكراهية والإرهاب وسط تسابق الغير لكسب العالم وتأييده للإعتدال ورفضه وإدانته للتكفير.
يجب على كل إنسان يحمل الصفة والمعنى أن يرفع رأسه عالياً لتواجد زعيم عربي مسلم في تظاهرة باريس، وافتخاره لهذا الفهم العميق لمعنى الإسلام والتواجد في عاصمة تعرضت للإرهاب من فئة تريد لهذه الأمة أن تعود إلى الوراء وتنكسر إرادة أبنائها في أوروبا والغرب كله دون هدف سامٍ أو مبغى مشرف.
تُعد مشاركة جلالة الملك لستة ملايين مسلم فرنسي خطوة استشرافية لزعيم يعمل دوماً بحراكه كبلسم شافٍ لأمراض ينشرها من إعتادوا على إستخدام الدين كسلاح يوجه نحو صدور المسلمين وكأنه يعمل مع أعداء الدين والأمة لتشويه صورة المؤمنين بهذا الدين السمح.
يدرك الملك ومعه كل الغيورين على الدين كم هي مهمة أن يكون زعيم هاشمي معتدل بين مئات الآلاف من المؤيدين للسلام والفكر الحر، يقف بلا شك مستنكراً المساس بحرية العباد بالتوازي مع رفضه الإساءة لجده الرسول الأعظم بالرسم أو اللفظ أو غير ذلك.
إلتزام الأردن الأخلاقي والإنساني وهو المستهدف من إرهاب القاعدة وداعش وما بينهما وغيرهما يجبر الملك أن يكون في صلب المعركة الهادفة للقضاء على أي فكر دخيل يعطل مسيرة العالم نحو الأفضل.. كما أن مسؤولية الملك التاريخية ومشروعية حكمه الدينية تلزمه المشاركة بقوة في تظاهرة العالم ضد الإرهاب والتطرف لتؤكد رفضنا معه والتزام الأمة ودولها في ممارسة مجموعة ضالة تطوف البلاد اقصاءً وفساداً وفتنةً وضلالاً.
مصلحياً على المستوى المحلي تعد باريس الدولة الأولى غير العربية التي تستثمر في بلادنا وعلاقتها بالأردن السياسي متقدمة ناهيك عن تقدمها في الموقف نحو العرب وقضيتهم المركزية ودعم الشعب الفلسطيني وإعلان الرئيس الفرنسي هولاند بوضوح أن الإسلام والمسلمين بريئون من الأعمال الإرهابية التي يقوم بها الظلاميون هنا وهناك.
يكاد يكون تواجد جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله بين مئات الآلاف من ممثلي العالم وفرنسا رسالة قوية لا يمكن وصفها لقوتها وأبعادها ودقة توقيتها.. وأظن أن أجواء مسيرة الجمهورية بميدانها الواسع الذي نقلته فضائيات الكرة الأرضية وإعلامها، كانت فرصة للأردن أن يترك بصمة لولا حكمة الملك ما كانت وما أرتسمت على وجوه مواطني العالم وهي فرصة قطعت على كثير من صيادي الفرص اللعب في فراغ قلة التواصل والتواجد العربي الإسلامي المعتدل في عاصمة العالم اليوم «باريس»..
(الرأي 2015-01-12)