حرية تقف عند الهولوكوست

إذا كانت حرية الرأي والتعبير التي أطلقتها الثورة الفرنسية تبدأ عندما تنتهي حرية الآخرين، فإن الأوروبيين تعاملوا مع هذه الحرية وفق مصلحتهم السياسية والاقتصادية وقدسية «الهولوكوست»، والأخطر من ذلك وفق مصلحة بعض من أراد ان يسود التطرف وربما الفوضى.
في الحقيقة ليس من المنطق في شيء أن يفتخر الأوروبيون بالحرية وهم مكبلون بقيود المصالح الاستعمارية، والكثير من المعتقدات العنصرية، بل بتاريخ من القتل والتطرف يفوق كثيرًا حدود التصور.
وإذا كان الله قد من على الأوروبيين بحرية التعبير وحرية التفكير، إلا أن قدرتهم على تطبيق هذا الاعتقاد تتوقف عندما يُحاصَر المسلمون، وتُشوَّه عقيدتهم ورموزهم وتاريخهم وتراثهم؛ كونهم الأضعف، والأقل قدرة على الرد.
تزعم النظرية الأوروبية أن الحرية مقدسة، إلا أن هذه القدسية تختفي عندما يهاجم شبان فتاة اختارت الحجاب سلوكًا أخلاقيا لها. وتنعدم تماما عندما يجرؤ احد الكتاب او المفكرين على الغوص في تهويل العددي للهولوكوست، او حتى في البحث عن مجازر اليهود بحق الشعب الفلسطيني، او الغوص في التاريخ الأوروبي الدموي.
وتنهار قيم الحرية عندما ينتقد مسلم او عربي الصمت الأوروبي على ما جرى ويجري في دول افريقيا، او في بعض مناطق آسيا، وفي بورما من مجازر بحق المسلمين، وبدعم غربي واضح.
وتصبح الحرية مطلقة ومباحة عندما يتعلق الأمر بإهانة العرب والدين الإسلامي، والمعتقدات والشرائع السماوية، وتتحول الحرية الى فضيلة عندما تصل الى حرمات المسلمين وأعراضهم.
الحرية الأوروبية المزعومة تغيب في مثل هذه الأحداث تماما، فمن يجرؤ على إهانة حاخام يهودي او ذكر المحرقة بسوء يحاكم وتوجه له تهم معاداة السامية.
المشكلة في قضية الحرية الأوروبية ليس في تطبيقها على المجتمع الغربي هناك، ولكن في فهمنا نحن العرب لمدى استغلال تلك الشعارات لمصلحتهم.
ويمكن فهم هذا الانفعال الغربي على ما يسمى بالحرية من خلال ما يردده القادة الغربيون ليل نهار لتبرير تدخلاتهم الدموية في العالم الاسلامي التي تقول «اننا نحاربهم في بلدانهم حتى لا يأتوا الينا»؛ مما يعني ارتكاب المجازر في حق الأبرياء دون اي سند قانوني او أخلاقي تحت عنوان مكافحة الارهاب.
فهل ننتظر موجة دموية جديدة هذه المرة بحجة مكافحة الارهاب والقضاء على التطرف، او اعادة لسيناريو 11/سبتمبر الدموي.
(السبيل 2015-01-20)