عيون وآذان (حصانة غربية مستمرة)

تم نشره الجمعة 19 شباط / فبراير 2010 01:49 صباحاً
عيون وآذان (حصانة غربية مستمرة)
جهاد الخازن

ماذا كان حدث لو أن رجال استخبارات عرباً زوّروا جوازات سفر بريطانية وأوروبية أخرى، وسافروا الى بلد بعيد لاغتيال إسرائيلي يزورُه؟ كان العرب والمسلمون جميعاً اتهموا بالإرهاب، وكان الكونغرس الأميركي سيصوت بقطع المساعدات عن دول عربية أو زيادتها لإسرائيل، وكانت الدول الكبرى تنافست في مجلس الأمن على إدانة الفاعلين.

 

إذا كان الإنسان مجبولاً بالخطيئة كما تقول التوراة فإن إسرائيل مجبولة بالجريمة، بدءاً بسرقة فلسطين من أهلها، ثم عقود القتل والتشريد والتدمير والاحتلال، وبأسلوب نازي يدان كل من يمارسه إلا إذا كان إسرائيل التي تختار مائير داغان رئيساً للموساد وصفته أنه كان يقتل الأطفال في غزة.

 

محمود المبحوح اغتيل في دبي، وهناك صور تلفزيونية للإرهابيين الإسرائيليين الذين سرقوا جوازات سفر ناس أبرياء وعرّضوا حياتهم للخطر. غير أن هناك ألف شهيد قبل المبحوح راحوا ضحية دولة الجريمة المحاطة بحصانة غربية مستمرة.

 

قبل أن أستمر أريد من القارئ أن يصبر عليّ ويقرأ التالي:

 

من أيام قليلة استشهد اثنان من أعزّ الناس لنا. استشهد مصطفى حافظ، قائد جيش فلسطين، وهو يؤدي واجبه من أجلكم ومن أجل العروبة، ومن أجل القومية العربية. مصطفى حافظ آل على نفسه أن يدرب جيش فلسطين، وأن يبعث جيش فلسطين، وأن يبعث اسم فلسطين، فهل سها الاستعمار عنه؟ وهل سهت عنه إسرائيل صنيعة الاستعمار؟ أبداً، إنهم كانوا يجدون في مصطفى حافظ تهديداً مباشراً لهم ولأطماعهم. ولكن هل يعتقدون أنهم بقتل مصطفى حافظ لن يوجد من يحل محله؟ إنهم سيجدون في مصر وبين ربوع مصر جميع المصريين وكل واحد منهم يحمل هذه المبادئ ويؤمن بهذه المبادئ.

 

أما صلاح مصطفى فقد قام ليجاهد من أجل مصر وهو يؤمن بكم وبحريتكم ويؤمن بعزتكم. ولكنه آثر أن يكافح في صمت. وهو يؤمن بأنه قد وهب نفسه ووهب روحه ودمه في سبيلكم، في سبيل مصريتكم، وهب نفسه ووهب دمه في سبيل القومية العربية، وفي سبيل الوطن العربي.

 

وإذا كانوا اغتالوا صلاح مصطفى بأبشع أساليب الغدر، بالوسائل التي كانوا يتبعونها قبل 1948 فأنا أشعر بأن دولة العصابات التي تحولت الى دولة، تتحول اليوم، مرة أخرى، الى عصابات.

 

أتوقف هنا لأقول إن ما سبق جاء في واحد من أشهر خطابات الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وهو خطاب تأميم قناة السويس الذي ألقاه في 26 تموز (يوليو) 1956 وأدى الى العدوان الثلاثي المعروف.

 

طلبت الخطاب في معرض بحث لي أحاول أن أقارن فيه بين أشهر الخطب قديماً وحديثاً (وسينشر خلال أيام) ووقعت مصادفة على اسمي مصطفى حافظ وصلاح مصطفى اللذين سبق استشهادهما وعيي السياسي، وبحثت في المراجع ووجدت أن الأول اغتيل في 11/7/1956 بطرد مفخخ في غزة، وأن الثاني اغتيل في 19/7/1956 بتفجير مماثل خلال عمله ملحقاً عسكرياً في الأردن.

 

كل إرهاب سابق ولاحق في الشرق الأوسط وحتى اليوم بدأه الإرهابيون اليهود في فلسطين، وتعلم منهم الآخرون، وإذا كنا نذكر اغتيال الوسيط الدولي الكونت برنادوت ونسف فندق الملك داود، فإن تاريخ إسرائيل كله هو سجل جريمة مستمرة.

 

الإرهابيون الإسرائيليون دمروا 13 طائرة مدنية لبنانية في مطار بيروت في 28/12/1968، وأسقطوا طائرة ركاب ليبية بالصواريخ فقتل 109 ركاب وملاحين، وخطفوا طائرات أخرى أرغموها على الهبوط في إسرائيل، وهم قتلوا أطفال مدرسة بحر البقر في مصر سنة 1971.

 

وقبل هذا وذاك حاول إرهابيون إسرائيليون سنة 1954 نسف مكتب الاستعلامات الأميركية في القاهرة للإيقاع بين مصر وأميركا، في ما عرف باسم فضيحة لافون، أي وزير الدفاع بنحاس لافون.

 

وكنت رئيس نوبة الأخبار في وكالة رويترز ونقلت خبر نسف الطائرات، بعد أن نبهتني خالتي الى الهجوم الذي رأته من شرفة بيتها، وكان بنيامين نتانياهو بين الإرهابيين الذين نفذوا الهجوم وكتب مفاخراً به، كذلك دُست سنة 1973 في دم الشهداء كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار حيث قتلوا في بيوتهم قرب بيتي (في شارع مدام كوري في حينه) وعبر حديقة يقوم مكانها الآن بناء عالٍ. (كل الجرائم الإسرائيلية التي تابعتها شخصياً كتبت عنها في حينها).

 

قبل ذلك بسنة اتصلت بي آني كنفاني لتقول: «قتلوا غسّان»، أي غسان كنفاني الأديب والرسام والمناضل المشهور، ورأيت بعيني الصديق الشهيد وابنة اخته يحملان أشلاء في أكياس بلاستيك بعد أن مزقهما الانفجار.

 

هي دولة جريمة وإرهابيين لا تستحق مكاناً في أسرة الدول، وإذا كان إرهابها يستمر فلأن الغرب والشرق متواطئان، ولأن العرب والمسلمين جبناء ضعفاء هانوا على أنفسهم والناس.

 

أكتب وأنتظر أن أسمع اسم الشهيد القادم.

 

khazen@alhayat.com

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات