وتبقى التسعيرة كلها

الحكومة ليست ملزمة بنتائج التصويت النيابي في موضوع تسعير الكهرباء. فهذا التسعير يصدر بقرار إداري، وسبب بحثه في مجلس النواب كان بطلب نيابي، وإذا كان المجلس يريد أن يأخذ الموضوع إلى الأخير فإن عليه أن يحجب الثقة عن هذه الحكومة. ولكنه لا يستطيع تغيير تسعير الكهرباء، في عهد هذه الحكومة أو الحكومة القادمة.
الفعل الديمقراطي مصلحة الناس، العدالة والمجتمع المتناسق لا تتحقق بـ«الدقارة»، مثلما ان نجاح النائب في الدفاع عن مصالح الناخبين له تقاليده وتوازناته. وقد قدمت الحكومة للجان المجلس النيابي ارقاما موثقة عن خسائر شركة الكهرباء، وعن دور الأسعار الجديدة في وقف جزء من هذه الخسائر. وطالما أننا نتحدث عن الحكومة فإن رئيساً مثل د. عبدالله النسور يتحمل مسؤولية الحل الوسط، ويواجه المأزق بأن تكون الأسعار نصف ما يجب أن تكون، فإننا نشعر بأن رفض تقرير اللجان النيابية، والاصرار على «رفض التسعيرة» يحمل حجماً كبيراً من الخفّة والخروج على منطق الأشياء.
يبدو أننا ما نزال، رغم اننا حققنا ترسيخ مجالسنا التشريعية والنيابية منذ عام 1928، لم نصل إلى القناعة بفصل السلطات، ودور كل سلطة منها بالتجانس مع السلطات الأخرى. وهذا الربيع العربي الذي قلب الأشياء هو المسؤول عن سيناريوهات العمل النيابي بين أن تكون تحت القبة أو أن تنزل إلى الشارع، فالشعبية لا يمكن الحصول عليها تحت القبة وعلى حساب الأداء التشريعي والرقابي.. والشعبية ليست حالة فردية يحملها نائب أو مجموعة نواب، وإنما هي سابقة للوصول إلى المجلس النيابي. إن الشعبية تتكون قبل النيابة، وهي التي تحمل النائب إلى مقعده النيابي. وهي شعبية الفكر، والبرنامج، وشجاعة الرأي والاتزان.
كنا نضع كل اتهاماتنا على العشائرية، ثم على الصوت الواحد.. لكننا نتمنى الآن نيابة ابن العشيرة، ونائب الصوت الواحد.
وحرام أن تفلت الفرصة من أيدينا لنكمل السنوات الأربع من حياة المجلس، وفرصة ممارسة التشريع والرقابة في أداء متزن عاقل يضع مصلحة الوطن قبل كل مصلحة.
نسمع أصواتاً معارضة.. لكننا لا نجد معارضة؟.

(الرأي 2015-01-28)