بشار إذ يعترف بالعجز عن الحسم عسكريا

تم نشره الأحد 01st شباط / فبراير 2015 01:26 صباحاً
بشار إذ يعترف بالعجز عن الحسم عسكريا
ياسر الزعاترة

من الصعب القول، إن منح بشار الأسد مقابلة لمجلة “فورين أفيرز” الأمريكية كان مصادفة، ولا طلبها المقابلة كذلك، فهي تعكس في واقع الحال شكلا من أشكال الغزل بين الطرفين الأمريكي ونظام بشار، لاسيما بعد أن بات الموقف الأمريكي معلنا حياله (رفض استهدافه)، بعيدا عن سياسة الغموض السابقة.
الموقف الأمريكي من بشار له صلة ابتداءً بالرؤية الصهيونية الرامية إلى إطالة أمد النزاع لاستنزاف جميع أعداء الكيان، لكن التطورات الجديدة ذات صلة بالغزل الأمريكي مع إيران، وحيث يريد أوباما الحصول على إنجاز تاريخي له يتمثل في اتفاق النووي مع إيران؛ هو الذي يدرك أن بشار بالنسبة للمحافظين في إيران أهم بالف مرة من المشروع النووي، وهو أيضا أهم بالنسبة إليهم من فلسطين والقدس، هذا إذا كانت هامة بالفعل، وليس في سياق الدعاية السياسية للمشروع.
أيا يكن الأمر، فإن المقابلة المطولة لم تحمل الكثير مما يمكن الحديث عنه مما يختلف عن المقابلات السابقة، وإن كان تركيز الهجاء هذه المرة موجها نحو أردوغان، ومعه السعودية وقطر، بل في سياق من التحريض عليه (أردوغان)، في وقت يدرك أن الموقف من الرجل صهيونيا يبدو عدائيا إلى حد غير مسبوق، ما يعني أنه يستغل هذه الأجواء لأجل ذلك، متجاهلا بالطبع أنه يحرِّض الشيطان الأكبر، ويحرض الكيان الصهيوني، بينما يزعم أنه أحد رموز المقاومة والممانعة!!
أهم ما في المقابلة يتمثل في اعتراف بشار غير المسبوق بالعجز عن الحسم العسكري في مواجهة الثورة، وهو ما لم يفعله سابقا، إذ كان يصر على أنه سينتصر على الإرهاب، وكذلك كانت تفعل الدوائر الإيرانية. وكان لافتا بالطبع أن الاعتراف قد تزامن مع تراجع للنظام في درعا وإدلب، من دون أن تكون له أية إنجازات تذكر طوال الشهور الأخيرة رغم زخم الدعم الإيراني الميداني.
في حديثه لـ”فورين أفيرز” قال بشار كل الحروب تنتهي بحل سياسي، وأن الحروب هي أدوات للحلول السياسية. وحين سأله المراسل “وعليه فأنت لا تعتقد أن هذه الحرب ستحسم بشكل عسكري؟”؛ أجاب “لا كل الحروب تنتهي بحل سياسي”. ولجبر الموقف عاد إلى القول، إنه كان بإمكان الجيش السوري تحقيق النصر على المعارضة لولا الدعم الذي تتلقاه؛ خاصة من تركيا والسعودية وقطر، كأنه يريد معارضة معزولة بالكامل (لوجستيا، ومن حيث الدعم) كي ينتصر عليها. أي هراء؟!
وحين يتحدث بشار عن الحل السياسي، فإنه لا يأتي بغير السفسطة البائسة، إذ يستخف بما يسمى “المعارضة المعتدلة”، ويرفض الحوار مع المعارضة “الإرهابية”، والنتيجة أنه لا حل من الناحية الواقعية، فما هو المسار الممكن؟
المسار برأيه، وهذا من الحوار أيضا أن تضغط أمريكا على تركيا وقطر والسعودية من أجل وقف دعم المعارضة، وبالطبع لكي يتمكن من الحسم عسكريا معها، وما يمكن أن يقدمه من ثمن بحسب جوهر الحوار هو التعاون مع أمريكا في محاربة الإرهاب، وهي ذات الصفقة التي عرضها مرارا، وعرضها رامي مخلوف قبل عامين في حواره مع نيويورك تايمز، فيما لم يجد مساعد وزير خارجية إيران حرجا في الحديث عنها أيضا، وفي سياق من الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني!!
هذا هو المقاوم الممانع، يستجدي الأمريكان لكي يساعدوه ضد الثورة، وهو يعلم أن واشنطن لا يمكن أن تأخذ مسارا كهذا دون إذن الصهاينة، والنتيجة أن كل المحرَّمات تسقط من إجل الإبقاء على النظام، وهي تسقط كذلك بالنسبة لإيران من أجل الحفاظ على ركن مشروع تمددها في المنطقة. يا لفضيحة هؤلاء. إنها على رؤوس الأشهاد.
فقرة تابعة: مما قاله مراسل فورين أفيرز لإذاعة أمريكية محلية عن انطباعه عن لقاء الأسد: “كان يسرد كذباته وهو يعلم أنه يكذب، دون أن يرمش له جفن أو ترتعش يداه. كان يتحدث بثقة مطلقة”، وأضاف “التفسير هو إما أنه كاذب من الطراز الرفيع ويتحدث بكلام للاستهلاك المحلي، أو أنه فعلا مختل ويصدق ما يقول تماما كما أنّ هتلر كان مقتنعا بأن ألمانيا تكسب الحرب، في وقت كان فيه الروس على بعد ساعة من مخبئه”.

(الدستور 2015-02-01)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات