العودة لمواقعنا الطبيعية

بعد كل التطورات التي تفاعلت مع إعدام الطيار الشهيد معاذ الكساسبة وعلى رأسها حالة اللحمة الوطنية غير المسبوقة نقول: آن الأوان أن نعود لمواقعنا الطبيعية، ونباشر وطنيتنا الاردنية بعقل بارد وحرص شديد.
الانفعالات والطبول التي قرعت والعواطف المتطايرة كلها مبررة، فالقتل الذي تعرض له معاذ جعل في قلوبنا لظى وحسرة احتاجت لفيض من المسلكيات والتجييش المعقول والمقبول.
هذه الصورة الزاهية شوهها البعض الذين حاولوا الاساءة للاسلام المعتدل، وحاولوا استثمار خصومتهم مع الاخوان المسلمين من خلال زجهم في الادانة ووضعهم في خانة الارهاب وصناعته.
بعد كل ذلك نقول ان الحمية الاردنية يجب ان تتعقلن وان نعود مرة اخرى لقراءة مصالحنا الحيوية الاستراتيجية بهدوء واتزان؛ فنحن دولة مؤسسات ولسنا أغرارا في الانفعال والاندفاع للامام.
على الجميع ان يعود لحياته الطبيعية فالمجتمع الذي استنفر كان قد قام بدوره وعليه الان ان يترك الدولة والجيش دون ضغط ليفكرا بهدوء ويتخذا القرارات المناسبة.
وعلى المعارضة ان تعود لقواعدها وتمارس دورها دون خوف من العقل الجمعي الغاضب او من «سيكولوجية الجماهير» المنفعلة، وعليها ان تتكلم بوعي وطني وصراحة عن دورنا وحدود قدرتنا في المواجهات مع داعش.
الدولة ورجالاتها وعلى رأسهم الملك سيخرجون من لحظة الغضب الى لحظة الوطن وهناك يجب ان تتم المراجعات السريعة وبعقل بارد متزن؛ فهناك فرق بين الحرب وبين المواجهات وبين الثأر وبين اللعب منفردين في الساحة.
القرار السياسي يجب ان يعود الى حاضنته دون ضغوط وان يعود لموقعه على روية وهدوء، فمعاذ غال وعزيز ودمه في رقابنا؛ لكن الوطن أغلى وأعز وسنكون مع الجيش مهما كان الأمر.
بعد اغتيال وصفي غضب الاردنيون لكنهم كانوا متزنين وعمل الملك حسين على تعريق قدراتنا ومصالحنا الحيوية فعبرنا الى الامام بسلامة وهمة ورجولة.
لسنا دولة عظمى وجيشنا يجب ان يستمر قويا واقفا كجبال الوطن وهنا يجب التنبه ومن ثم رسم معالم الخطوات القادمة فالمسؤولية كبيرة، وتحتاج لعقول هادئة يجب ان نوفرها لهم.
(السبيل 2015-02-08)