أوكرانيا.. هل تَبَدَّدَ «سلام».. الفرصة الأخيرة؟

تم نشره الإثنين 09 شباط / فبراير 2015 01:51 صباحاً
أوكرانيا.. هل تَبَدَّدَ «سلام».. الفرصة الأخيرة؟
محمد خروب

اختتم مؤتمر ميونيخ للأمن في نسخته الاخيرة.. جلساته، لكن «سؤال» الازمة الاوكرانية المتفاقمة، لم يجد له جواباً.. بعد، وبخاصة إثر التحرك الالماني الفرنسي المشترك الذي بدا للحظة وكأنه إفتراق او رسالة تحذير لواشنطن من مغبة الإقدام على تنفيذ تهديدها (اقرأ رغبتها) تسليح الجيش الاوكراني وإمداده بأسلحة «فتاكة»، الأمر الذي لا توافق عليه باريس وبرلين بل ومعظم دول حلف الناتو، حيث بدأت موسكو تعلن جهاراً ان لديها من الدلائل والمعلومات ما يفيد بـ(إقتراب) قوات الناتو من حدودها، وهو ما لا توافق عليه ابداً وتعتبره مسّاً بأمنها القومي يستوجب رداً «حاسماً» من قبلها.
التراشق الكلامي بين موسكو وواشنطن آخذ في السخونة، بعد أن لم يعد ثمة ضوء في نهاية النفق الاوكراني (حتى الان)، وبخاصة في دفع ادارة اوباما نحو تغيير قواعد الاشتباك في منطقة الدونباس وضغطها على «أمانة» الناتو، كي تقوم بتعزيز قواتها في حدودها الشرقية (اي تلك الدول التي كانت ذات يوم تدور في فلك الاتحاد السوفياتي واعضاء في حلف وارسو، ثم ما لبثت ان انضمت الى الناتو في تواطؤ مع الادارات الاميركية التي نكثت التعهدات التي قدمتها لموسكو بعدم ضم دول اوروبا الشرقية وبخاصة تلك التي تشترك بحدود مع روسيا) الى الناتو.. وإعلانه (الناتو) مؤخراً تأسيس قوات تدخل سريع قوامها خمسة آلاف جندي من بعض دول الناتو.
وإذا كانت سياسة واشنطن «الاوكرانية» قد بدت وكأنها قد افلست تماماً، بعد أن لم تنجح العقوبات التي فرضتها هي نفسها على روسيا، وتلك التي ضغطت بها على اوروبا كي تفرض عقوبات اخرى على موسكو.. في تراجع الاخيرة، ظناً منها ان الكرملين سيضعف أمام الضغوط الشعبية بعد انهيار سعر صرف الرويل الروسي ثم جاءت مؤامرة تخفيض سعر النفط لتضيف عبئاً جديداً على الاقتصاد الروسي الآخذ بالضعف، فإن ما سربته وسائل الاعلام الاميركية (وهو تسريب ليس عفوياً بل مدروس ومقصود)، عن «دراسة» لوزارة الدفاع الاميركية قام بها علماء نفس واجتماع لدراسة شخصية الرئيس فلاديمير بوتين ووصول الباحثين الى نتيجة (او احتمال) بأن الرئيس الروسي مصاب بمرض «التوحُّد»، قد شكل سقوطاً مريعاً في الدبلوماسية الاميركية، التي لم تعد تتورع عن استخدام الوسائل والاساليب الهابطة للحط من الخصوم واستخدامها في لعبة النفوذ والمناكفات.. الامر الذي قابلته موسكو بالسخرية والاستهزاء وعدم الرد عليه باعتباره لا يستحق الرد.
اين من هنا؟
صحيح أن جون كيري رئيس الدبلوماسية الاميركية قد «زعم» يوم امس خلال اجتماعه مع هولاند وميركل أن ليس ثمة خلافات في المواقف الاميركية والاوروبية حيال الازمة الاوكرانية, الا انه صحيح ايضاً ان اوروبا وبخاصة العواصم ذات التأثير والدور الحاسم في القرار الاوروبي, قد حسمت خيارها وقالت أن لا حل عسكرياً للازمة, ما يعني ان التهديد الاميركي تزويد كييف بأسلحة فتّاكة (هل تذكرون تهديد ادارة اوباما تزويد مسلحي المعارضة السورية «المعتدلة» بأسلحة فتاكة، ليتبين لاحقاً أنها زودت إرهابيي داعش والنصرة.. بها؟) لم يعد له قيمة, وايضاً بعد تراجع رئيس الحكومة الاوكرانية المتشدد بل ودمية الغرب ياتسينيوك عن ارائه بالحسم العسكري وقال ورئيسه بوروشينكو: أن لا حل عسكرياً لها.
لن تمضي ادارة اوباما قدما في دعم الخيار العسكري حتى لو لجأت الى تزويد ميليشيات القطاع الايمن الفاشية التي تنادي بهذا، بالاسلحة الفتاكة الموعودة, فالجيش الاوكراني يواجه هزائم متواصلة في منطقة دونباس, وهو يواجه احتمال خسارة آخر معاقله, بعد أن سيطر دعاة الفيدرالية على مطار دونيتسك وهم في طريقهم الى إحكام سيطرتهم على ما تبقى من المدن في جنوب شرق اوكرانية وبخاصة مدينة ماريوبول.. وهذا هو الذي دفع بالمستشارة الالمانية والرئيس الفرنسي الى تقديم «خطة» معتدلة او اقل تشدداً عن تلك «الحلول» التي كانت مطروحة سابقاً على من يصفونهم بـِ»الانفصاليين» وهم ليسوا كذلك إلاّ في وسائل الاعلام الغربية وخصوصاً الاميركية، حيث لا يُطالبون سوى بحكم فيدرالي في مناطقهم والسماح لهم باتخاذ القرارات التي تخص مناطقهم بعد ان احتكرت كييف طويلاً هذه القرارات، التي صبّت في غير صالحهم وبخاصة ان غالبيتهم من الروس وتشكّل مناطقهم «خزان» الانتاج الاوكراني الزراعي والصناعي.
بوتين قال في لقاء مع قادة النقابات الروسية: ان موسكو لن تقبل عالماً تتحكم فيه دولة واحدة، هذه الدولة التي لا تريد لبلاده ان تسير في طريق التنمية والتطور. لهجة لافروف حتى بعد لقائه في ميونيخ نظيره الاميركي.. كانت اكثر حدة، فيما برلين وباريس ما تزالان تريان في الخطة التي طرحتاها فرصة أخيرة لمنع خروج الازمة عن السيطرة وذهابها الى نقطة اللاعودة، بكل ما يحمله هذا من مخاطر على اوروبا ذاتها التي ترى ايضاً ان حل الازمة لا يتم بمعاقبة روسيا، بل بالمشاركة معها في الحل.
هل انتهى سلام الفرصة الاخيرة في اوكرانيا؟
قمة «مينسك الرباعية» -إن عُقدت يوم بعد غد الأربعاء-.. ستقول.

(الرأي 2015-02-09)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات