«غزوة».. الكابيتول هيل!

تم نشره الثلاثاء 03rd آذار / مارس 2015 02:04 صباحاً
«غزوة».. الكابيتول هيل!
محمد خروب

لم يتراجع بنيامين نتنياهو، ولم تفتّ في عضده أو تهبط من معنوياته (اقرأ غطرسته) الانتقادات اللاذعة والمقالات الصحافية المُندّدة والبيانات الحزبية المُحذّرة من إصرار رئيس الحكومة المنتهية ولايته، الذهاب إلى واشنطن لإلقاء خطاب أمام جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس الأميركي بدعوة من رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر، دون علم الإدارة الأميركية بل ولجوء البيت الابيض الى اجراءات عقابية (ولو في شكل بروتوكولي) كقرار أوباما عدم استقبال نتنياهو اثناء زيارته، ومقاطعة بعض نواب الحزب الديمقراطي (حزب اوباما) لهذه الجلسة، وأيضاً في تصريحات غاضبة أدلت بها مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس، التي وصفت الخطاب بأنه سيكون له أثراً «مُدمّراً» على العلاقات الأميركية الإسرائيلية.
نتنياهو إذاً.. سيلقي اليوم خطابه «التاريخي» أمام المُشرّعين الأميركيين، في مسعى لاستعداء مجلسي الكونغرس على «نيّة» الرئيس الأميركي أوباما المضي قدماً في توقيع «اتفاق» مع إيران في شأن برنامجها النووي، يرى فيه نتنياهو وزمرة المتشدّدين الجمهوريين في الولايات المتحدة وأيضاً بعض أركان اللوبي اليهودي والمسيحي المتصهين، خطراً وجودياً على إسرائيل وخطأ فادحاً يرتكبه أوباما في هذا الشأن، ما يزيد من الاعتقاد بأن الرئيس الضعيف (كما يصفونه) يُقدّم تنازلات جوهرية تمسّ بالأمن القومي الأميركي وتمنح ريح اسناد لأعدائها وبخاصة لدولة مارقة إرهابية كإيران (لا تنسوا روسيا في أوكرانيا وسوريا) التي تقود محوراً معاكساً ومضاداً للسياسة الأميركية في المنطقة، ولا تخفي أطماعها في بسط سيطرتها على الإقليم، بل هي تسعى للوصول إلى حدود إسرائيل من خلال دعمها لنظام الأسد وخصوصاً في وقائع الأحداث الدراماتيكية المتلاحقة التي بدأت بتصفية (إسرائيل) خلية حزب الله والجنرال الإيراني، ثم حالياً بعد أن بدأت قوات سورية وأخرى من حزب الله وثالثة من الحرس الثوري الإيراني، هجوماً شاملاً وسريعاً وناجحاً في «مثلث الموت» الذي يربط أرياف دمشق ودرعا والقنيطرة والذي يُرجّح المراقبون أن يكسر فيه «المهاجمون» شوكة المنظمات المسلحة التي تبسط سيطرتها على تلك المنطقة وفي مقدمتها جبهة النصرة وما تبقى مما كان يُسمى الجيش الحر..
فهل ينجح نتنياهو في غزوته هذه لتلة مبنى الكونغرس المُسمّاة «كابيتول هيل»؟.
ثمّة كثيرون يُرجحون فشلها ويستبعدون أي تراجع من أوباما، عن توقيع اتفاق طهران إذا ما نضجت ظروف وشروطه وتلاءمت مع مصالح البلدين (بموافقة باقي أعضاء منتدى الستة «5+1»). الاسابيع الثلاثة المتبقية على معرفة إذا ما نضجت تلك الظروف لن تسعف نتنياهو, مهما بلغت بلاغته الخطابية وذهب بعيداً في التغلغل الى قلوب مستمعيه، بلغتهم ولكنتهم الانجليزية الاميركية التي يُتقنها فضلاً - وهذا هو الأهم - فإنه لن يستطيع تأمين موافقة «ثلثي» أعضاء الكونغرس للاعتراض على أي اتفاق قد يوقّعه الرئيس اوباما, الذي اعلن صراحة أنه سيستخدم «الفيتو» على اي قرار من الكونغرس يحول دونه والتوقيع - وهو أمر يتيحه الدستور الاميركي للرئيس لكنه - الرئيس - لا يمكنه استخدام الفيتو هذا الذي يهدد به, اذا ما.. وعندما, يصوّت ثلثا اعضاء الكونغرس لصالح أي قرار, وهذه النسبة تبدو مستحيلة (حتى الان) بعد أن اصطّف نواب وشيوخ (ديمقراطيون) الى جانب الرئيس, رغم تمتع الحزب الجمهوري بالاغلبية في المجلسين.
الى أين من هنا؟
النفاق الاميركي سيبلغ منتهاه في هذه الاثناء, وسينشغل كثيرون في «عدّ» المرات التي سيصفق فيها ممثلو الشعب الاميركي هؤلاء «وقوفاً» لرئيس الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط التي تشارك الولايات المتحدة الاميركية قيم ومُثل الديمقراطية وحقوق الانسان والحرية, ولن يتردد كثير منهم في الغمز من قناة اوباما واتهامه بالضعف وتعريض المصالح الاميركية للخطر, فيما - وهنا قمة المسخرة - سيؤكد نتنياهو - لصفاقته - على متانة العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، ومديحه لاوباما الذي وقف على الدوام الى جانب اسرائيل وساندها عندما تخلى عنها الاخرون, لكنه سيوبّخه ويُحذّره، ولكن بكلمات ومصطحات - عمومية - عبر التأكيد ان اسرائيل ستشعر بالخيانة اذا ما وافق المجتمع الدولي (يقصد مجموعة 5 + 1) على اتفاق يجعل ايران «دولة حافة نووية», ولا تحتاج الا الى قرار سياسي كي تُنْتِج قنبلتها النووية الاولى التي يقول قادتها انها لا تحتاج الا الى قنبلة واحدة كون اسرائيل لا تحتمل أكثر من قنبلة واحدة للقضاء عليها.
.. سيُهدّد بالطبع بأن اسرائيل سيدة قرارها وستذهب وحدها لمهاجمة المنشآت النووية الايرانية وهي بالتأكيد - أي اسرائيل - تعلم انها تحتاج دعم واشنطن واصدقاءها في اوروبا، لكنها في النهاية ليست جمهورية موز لِتسمح بإفناء اليهود مرة اخرى كما حدث ايام النازية..
هل سينجح نتنياهو أم سيلقي خطاباً تتبدد مفاعيله بعد عودته مباشرة لمواجهة استحقاق انتخابات 17 آذار الجاري؟
أغلب الظن أنه لن يصيب نجاحاً يُذكر.

(الرأي 2015-03-03)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات