يبحثون عن ملجأ لملجأهم

تم نشره الأربعاء 08 نيسان / أبريل 2015 01:27 صباحاً
يبحثون عن ملجأ لملجأهم
محمد محيسن

لم يكن مخيم اليرموك الذي تبكي فيه الحجارة وألواح الزينكو والازقة، من بطش انهال عليهم دون سبب، الأول ولن يكون الأخير الذي يبحث فيه أبناؤه المنفيون عن منفى آخر.
فقد بحث المنفيون عن منفى جديد ليس لبعد المسافة عن وطنهم ولكن بحثا عن لجوء يحميهم من غربة وطن قريب، باتت موحشة إلى غربة يلتقط فيها المهجرون أنفاسهم لوقت محدود.
واذا كانت الصورة المنقولة من مخيم اليرموك مختصرة ومجتزأة الى ابعد مدى، فإن المشهد برمته يجعل المرء مجبرا على الاختيار بين وطن ضاع دون سبب، وآخر مزقه الطامعون دون عذر، ومستقبل مجهول لا تحمل ملامحه القريبة الا صورة الخراب والدمار والغربة.
أبناء اليرموك الذين انتقلوا من تعب الانتظار وحلم العودة الى تعب الهجرات القصرية، باتوا يبحثون عن ملجأ لملجأهم عن مخيم لمخيمهم، فالمخيم بات يبحث عن مخيم، ومن لجأ من العدوان الصهيوني مرة صار يهرب من بني جلدته مرات ومرات، حتى صارت الطريق كندا والبرازيل وفنزويلا ونيوزلندا اقرب من الطريق الى فلسطين ودمشق وعدن وبغداد.
هذه المشاهد المختلطة والمتناقضة التي يعجز العقل عن استيعابها، تعيدنا الى مربع مليء بعلامات الاستفهام، والكثير من الأسئلة المكررة والمجترة مئات المرات، حول أمنية بلحظة حنين الى الوطن الام، الذي صار التفكير فيه والحديث عنه وذرف الدموع عليه حالة من الترف العاطفي.
ما يجري في مخيم اليرموك وغيره من مخيمات الشتات العربي تذكرنا بمقولة أبو حيان التوحيدي أغرب الغرباء من صار غريباً في وطنه، وأبعد البعداء من كان بعيداً في محل قربه «وهذه الأطروحة الفلسفية البليغة تكشف لنا عن هول الغربة الروحية، والجسدية التي كان ولا يزال يعانيها الإنسان العربي في ظل الظروف السياسية الشاذة التي لا تُقيم وزناً لإنسانية الإنسان.
الوصف الاكثر دقة وألما يجري في مخيم اليرموك، هو ان اللاجئين يبحثون عن لجوء آخر، ومن هرب من عدو مرة يفر مذعورا الان من اخيه، وينضم اليه اشقاء جدد يبحثون أيضا عن ملجأ يحميهم.
ما يحدث هو ان اللاجئ ازداد لجوءا ولم تعد حتى حرية المنفى مُتاحة، لم يعد امام هؤلاء الا ان يقتلوا وهم صامتون حتى لا يتهمون بالعنصرية.
يصف الشاعر اليمني عبدالله البردوني الحال فيقول :
بــلادي مــن يَـــدَي طــاغٍ إلى أطغى إلى أجفى
ومــن سـجــن إلى ســجـن ومن منفى إلى منفــى
ومــن مـــستــــعــمــر بـــــادٍ إلى مستـعـمــر أخـفى
ومـن وحش إلى وحشين وهي النــاقـة العجفــا

(السبيل 2015-04-08)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات