الجنوب في ذكرى نيسان

سنة أخرى تمر على الجنوب منذ اندلاع هبة نيسان 1989، ولا يزال الجنوب على حاله من الإفقار والإهمال والنسيان، وأكثر من ذلك، راح بعض الكتاب والاعلاميين المعروفين بأجندتهم وعلاقاتهم، يتحدثون عن الجنوب كما لو أنه عبء على الدولة ومواردها وجامعاتها، فيما العكس هو الصحيح.
ولو تمعن أي موضوعي ومنصف وعاقل وغيور في حال الجنوب، وعقد مقارنة بين نسبة السكان فيه وبين موارده الطبيعية والسياحية لوجد أن الظلم والإحجاف الواقع على الجنوب ظلم فادح، ولا يريد الجنوبيون من كل هذه المقارنة إلا الإقرار بحقوقهم، ومشاركة كل أبناء الوطن في مواردهم وخيراتهم.
واذا كانت اللامركزية مع كل التحفظات عليها أقرت من مجلس النواب فينبغي أن تمتد من الادارة والقضاء الى الاقتصاد والموارد، وإلا فلا معنى لها، ناهيك بتوقيتها في الزمن الصهيوني لتفكيك الدول والمجتمعات عبر الجماعات التكفيرية الاجرامية، وربيع الاسلام الامريكي الهدام بكل تلاوينه الصهيونية – الرجعية – العثمانية.
ولمن لا يصدق ما ذهبنا إليه عن المقارنة بين نسبة سكان الجنوب وموارده، وبما يحوله إلى إقليم لا يقل عن قطر أو الإمارات في مستوى دخل الفرد الشهري والسنوي، ودون أن يعمل سكانه ساعة واحدة، دققوا معنا في المعطيات التالية:
أولا، بالكاد يصل سكان الجنوب إلى 700 ألف نسمة، يتوزعون على محافظة الكرك "ربع مليون"، والبقية على المحافظات الأخرى "الطفيلة والشوبك ومعان"، والعقبة والبادية الجنوبية التي تضم عشائر كبيرة مثل الحويطات، وبني عطية في امتداداتهم جنوبا وغربا..
ثانيا، هذا عن السكان الذين يتوزعون بين الحضر من مدن وقرى "80 %"، وبين البادية "20 %"، أما عن الموارد فأبرزها:
1.البوتاس، المورد الرئيسي للاقتصاد الانتاجي الأردني.
2.اليورانيوم. والرمل الزجاجي والسيليكون.
3.أملاح البحر الميت المختلفة.
4.حوض الديسي، المورد الرئيسي لمياه الأردن العذبة.
5.الأودية السحيقة في الكرك وضانا والشوبك وما تزخر به من نحاس وغيره من المعاد والموارد الطبيعية. 6.الصخر الزيتي وهو رابع احتياطي في العالم.
7.أهم المناطق السياحية والدينية في الأردن بل وفي المنطقة "البترا، وادي رم"، ومقامات الصحابة وما تجلبه من سياحة دينية كبيرة "جعفر الطيار ورفاقه في مؤتة"، الامام زيد مؤسس المذهب الزيدي "قبره في بلدة الربة" ، الصحابي أبو ذر الغفاري في ذيبان، جبل اذرح.
8.القلاع التاريخية، مثل قلعة الكرك والشوبك.
9.ثغر الأردن الوحيد "الباسم" العقبة.
10.وذلك فضلا عن مكانة الجنوب في التاريخ العربي القديم والحديث، ودوره على طريق الحرير والتوابل والحج وطريق الملوك "تراجان".
ويعرف دارسو التاريخ دور الممالك والامارات التي مرت على الجنوب من مملكة مؤاب "بزعامة ميشع صاحب المسلة المشهورة" ، وصراعها مع القبائل اليهودية الى دور القبائل الجنوبية "اليمانية" في تثبيت حكم الامويين ثم الثورة عليهم وتحويل الجنوب الى منطلق للدعوة العباسية في الحميمة، الى دورها في تثبيت كل سلطة جديدة في مصر: "من الفاطميين الى امارة الكرك الايوبية الى المماليك؛ حيث انطلق الظاهر بيبرس ثم السلطان برقوق من قلعة الكرك، الى دور الناصر داود ملك الكرك في تحرير القدس للمرة الثانية بعد ان سلمها الملك الكامل الايوبي للفرنجة، الى استجارة الجنوب لأحرار العرب مثل قاسم الاحمد من نابلس وسلطان الاطرش من السويداء.
يشار كذلك الى ان اول أبجدية عربية هي الابجدية النبطية التي صارت ابجدية لقريش، كما يشار الى ان اول تجسيد لدولة عربية هو ما مثلته المقاطعة العربية التي ورثت الانباط بعد هزيمتهم من روما.
واخيرا دور الجنوب في اشعال ثورة عربية ضد الاستعمار التركي العثماني 1910، وفي هبة نيسان 1989 التي وضعت الاردن على طريق الانفراج الديمقراطي.
(العرب اليوم 2015-04-20)