توقعات تحت الطلب
الحياد والموضوعية عملة نادرة قلما تتوفر، وربما لا تتوفر أبداً، فليست هناك توقعات موضوعية، بل توقعات مسيّسة، هدفها خدمة أجندات معينة ومصالح خاصة.
بعض التوقعات تحقق ذاتها، فإذا قالت جهة ذات مصداقية إن الامور سوف تسوء في المستقبل القريب، فالأرجح أنها سوف تسوء فعلاً، لأن الذين تلقوا هذه التوقعات المتشائمة سوف يعدلون سلوكهم بموجبها. وعلى العكس من ذلك فإذا قالت جهة ذات مصداقية إن الأمور في طريقها للتحسن، فالأرجح أنها سوف تتحسن فعلاً، لأن روح التفاؤل لها تأثير إيجابي.
من هنا فإننا نجد أن توقعات الحكومات تكون عادة إيجابية بعكس توقعات المعارضة، والهدف واضح، فالحكومة تقصد الإيحاء بأن لديها برنامجاً لتحقيق أهداف طموحة إذا أعطيت الوقت الكافي. أما المعارضة فتريد أن تقول أن الحكومة عاجزة عن معالجة الأوضاع المتردية ويجب أن ترحل.
يدرك الذين يطلقون التوقعات أن بعضها يمكن أن يحقق ذاته، ولذلك فإن توقعاتهم تأتي موجهة بالشكل الذي يخـدم مصلحتهم أو وجهة نظرهم، على سبيل المثال فإن المستثمرين في قطاع الإنشاءات يشترون أراضٍ ويبيعون شققاً، ومن مصلحتهم أن ترتفع أسعار الشقق وأن تنخفض أسعار الأراضي، فلا غرابة إذا أعلن نقيبهم بأن هذا ما سيحدث قريباً !
في التداول اليوم توقعات عديدة: هل تعود الأسعار العالمية للبترول للارتفاع أم تبقى متدنية؟ وهل يرتفع سعر أونصة الذهب أم ينخفض؟ وهل تتجه أسعار الفائدة على الدينار إلى الارتفاع كما يتمنى المودعون، أم تبقى متدنية كما تفضل البنوك؟ وماذا عن أسعار الأسهم في البورصة، هل سوف ترتفع قريباً ام تواصل الهبوط؟ وأخيراً وليس آخراً هل لداعش مستقبل أم انه سيتم القضاء عليها وكسر شوكة الإرهاب...
هذا يعني أن لا نثق ثقة عمياء بالتوقعات، فبعضها ليس سوى تمنيات. ولا بد أن نتأكد مما إذا كان لمصدر التوقعات مصلحة فيها أم أنه مجرد مراقب محايد.
في جميع الحالات فإن معظم التوقعات مرشحة للفشل، ويصدق فيها ما يقال عن المنجمين الذين كذبوا ولو صدقوا، ذلك أن المؤثرات والمتغيرات عديدة جداً وتعمل باتجاهات مختلفة ولا يمكن حصرها. والماء يكذب الغطاس.
(الرأي 2015-04-22)