تمعنوا فيما قاله بويز
لم يلتقط أحد ما تشهده الأمة من حرب مبرمجة لإخراجها من التاريخ، كما فعل فارس بويز، وزير الخارجية اللبناني الأسبق، وكان أدق وأعمق من لخص المشهد العربي الراهن، ووضع النقاط على الحروف بالفعل، وكان قوله قولا فصلا بكل معنى الكلمة.
فحسب بويز، فإن ما يجري اليوم في العراق وسورية امتداد لما شهدته مصر بعد التوقيع على اتفاقيات كامب ديفد، ولا علاقة له إطلاقا بأي من الشعارات المطروحة، بصرف النظر عن صحتها من عدمها، بل ان الرجل يؤكد أن "العالم العربي" بحاجة إلى ألف "ربيع" وليس "لربيع واحد" حسب تعبيره.
يذهب بويز إلى أن "العالم العربي" عرف على مدار التاريخ ثلاثة مراكز قومية للأمة هي: دمشق الأموية ثم بغداد العباسية ثم القاهرة في حقبتيها، الفاطمية والناصرية.
وحيث جرى ضرب البعد المركز القومي للقاهرة عبر كامب ديفيد، جرى ضرب البعد المركز القومي لبغداد عبر العدوان المباشر عليها، أما دمشق فيجري ضرب دورها ومركزيتها عبر ما تشهده منذ عدة سنوات.
ويربط بويز كل ذلك بضرب الهوية العربية الجامعة في هذه المراكز واستبدالها باحتقانات طائفية موتورة، وهو ما شهدته القاهرة من "انتعاش" وتغذية للخطاب الاسلاموي ضد الناصرية القومية، وكذلك بغداد، واليوم سورية.
ولنا أن نضيف لهذه العواصم مراكز أخرى لعبت دورا مهما في محطات مختلفة من تاريخ الأمة، ناهيك عن الجغرافيا السياسية لها أو مواردها الطبيعية، ومن هذه المراكز الجزائر، واليمن، الاولى بما تمثله في شمال أفريقيا، واليمن بالجذور القومية للعرب، وكذلك المكانة "العقلانية" للمذهب الزيدي وما يمثله من جسر بين المذاهب المختلفة للأمة.
(العرب اليوم 2015-04-23)