الصفقة المزعومة.. هل حان وقت الحساب؟

المعلومات شحيحة، لكنها مثيرة للاهتمام. القصة المزعومة عن بيع مؤسسة الضمان الاجتماعي لأسهمها في بنك الإسكان، بدأت تتكشف فصولها. خيوط رفيعة هنا وهناك تجمعت بيد جهات التحقيق في الأردن على مدار الأشهر الماضية، مكنت المحققين من تحديد هوية المتهمين باختراق مواقع إلكترونية رسمية، وتزوير وثائق تفيد بتوقيع رئيس صندوق استثمار أموال الضمان الأسبق الدكتور ياسر العدوان، على صفقة البيع الوهمية.
المتهمون من جنسيات مختلفة؛ أردنيون ولبنانيون وكويتيون. وحسب تقرير الزميل عبدالله ربيحات في "الغد"، يوم أمس، تم لغاية الآن إحالة ثلاثة أردنيين ولبنانيين إلى المحكمة، بعد ما أثبتت تحقيقات قسم الجرائم الإلكترونية في دائرة البحث الجنائي بالأمن العام، تورطهم في تزوير أوراق الاتفاقية المزعومة.
في الأثناء، يلاحق الإنتربول الدولي، وبناء على طلبات أردنية وقطرية وكويتية، مطلوبا كويتيا تورط في الجريمة.
لكن التحقيقات لن تقف عند هذا الحد، وقائمة المطلوبين ستشمل في الأسابيع المقبلة أسماء جديدة؛ أردنية وخليجية. وإذا ما كتب للتحقيق في القضية أن يأخذ مجراه من دون تدخلات، فمن غير المستبعد أن يطال وجوها نيابية وإعلامية، كانت على صلة بالجريمة.
مؤسسة الضمان الاجتماعي تشعر بالارتياح لمسار التحكيم الدولي في الاتفاقية المزعومة. واستنادا إلى مؤشرات قوية، صرح رئيس مجلس إدارة "الصندوق"، قبل فترة وجيزة، بما يفيد ارتياحه واطمئنانه للنتيجة النهائية.
لكن، وبقدر ما تعنينا نتيجة التحكيم الدولي، فإن ما يهمنا، وبدرجة أكبر، نتائج التحقيق الأردني في ما كان يخطط له من جريمة تستهدف نهب أموال الأردنيين جهارا نهارا، و"تشليح" الضمان مخزونها من الأسهم الاستراتيجية غصبا وجبرا.
من فكّر وخطط للعملية الجرمية، كان يدرك أن منسوب الثقة الشعبية بمؤسسات الدولة متدن. وقد راهن على أن الروح المعنوية المنهارة من هول الصدمة والحملة الإعلامية التي شنت على مؤسسة الضمان والحكومة، كفيلة بجلبهما مستسلمين للتحكيم الدولي، وربما إلى حل توافقي خارج نطاق التحكيم، يحصل من ورائه على مبلغ بالملايين.
بيد أن الموقف الصلب للمؤسسات أربك حسابات المزورين؛ فتورطوا في سويسرا، ووقعوا بيد الأمن في الأردن.
لا ننكر بأن التنفيذ المحكم والمتقن لعمليات تزوير الوثائق والتوقعيات، قد وضع قطاعا واسعا في حيرة، وتسرب الشك إلى قلوب الكثيرين من أن يكون بعض المسؤولين تورطوا في تمرير صفقة البيع المزعومة.
وما زاد من منسوب الشكوك، ما تم تسريبه من فيديوهات، تبين لاحقا أنها مفبركة، تجمع مسؤولين في مؤسسة الضمان مع أشخاص يمثلون الشركة المزعومة.
جميع هذه الحقائق، وفي أجواء عدم الثقة السائدة في البلاد، كان لا بد إزاءها من توقع كل الاحتمالات، والتدقيق في التفاصيل والروايات قبل تصديقها والتسليم بصحتها. وكان لهذا الأمر تأثير بالغ السوء على سمعة المؤسسات والمسؤولين، في وقت كانت فيه الدولة تكافح لتشييد جسور الثقة من جديد مع الشعب.
لقد خلفت القضية أضرارا بالغة على هذا الصعيد، وينبغي على المتسببين بوقوعها دفع الثمن، مهما علا شأنهم.
الجميع ينتظر، وبفارغ الصبر، صدور القرار النهائي لهيئة التحكيم الدولية، ليبدأ بعدها الحساب هنا.الغد