7 دقائق للطاقية

تم نشره الإثنين 04 أيّار / مايو 2015 02:08 صباحاً
7 دقائق للطاقية
د. ديمة طارق طهبوب

تروي زوجة الشهيد عبدالله عزام عنه -رحمه الله- أنه جاء لزيارة شخص مهم ليعرفه بقضايا المسلمين ومعاناتهم ثم طلب إليه في اثناء اللقاء ان يخصص شيئا من وقته للقاء العاملين في الميدان حتى تكتمل لديه الصورة فاعتذر الضيف بشدة لأنه لا يملك الوقت بالرغم ان الشيخ قال ولو خمس دقائق مرورا سريعا! وفي أثناء حديث الشيخ معه وقف ليبحث عن طاقيته والشيخ ينظر اليه متعجبا وهو يروح جيئة وذهابا بحماسة وتصميم للعثور عليها وحسب له على الساعة أنه أمضى سبع دقائق في البحث عن الطاقية! فوقف الشيخ ليغادر وقال له: تعطي سبع دقائق للطاقية ولا تعطي خمس دقائق للقضية!
كم مثل ذلك الرجل من تشغلهم سفاسف الامور، فإذا انتخيتهم لعمل مهم تعذروا أنهم لا يملكون الوقت وان جداولهم مزدحمة لا يستطيعون حشر دقائق معدودة فيها ليخدموا قضايا المسلمين المتعددة، فإذا نظرت في حياتهم لن تجد فيها أكثر من التجارة والتكاثر والازدياد وذلك قول المنافقين «شغلتنا أموالنا وأهلونا»، وربما يوافقون على عمل بسيط خجلا من كثرة الاصرار وفي نيتهم ان يعتذروا في الدقيقة الاخيرة ليتركوا ثغرا ربما لا يمكن ملؤه بالسرعة المطلوبة!
وقد يمارس البعض برجوازية نضال الفنادق فيحسن التنظير للمبادئ والأعمال العظيمة دون ان يغبر قدميه مشيا في عرض البلاد وطولها ليبلغها ودون ان يجهد جسده في القيام بأعبائها ودون ان يضحي من عمره لتحمل تبعاتها، وهؤلاء علمهم دون عملهم لا يمكث في الارض طويلا ولا ينفع الناس فلا حياة لفكرة ما لم تقتت من روح بشر ولم تتمثل في حياته، وأي فكرة لم تتطعم هذا الغذاء المقدس فقد ولدت ميته!
يوم احتلت القدس ذهبت «غولدا مائير» لثكنات الجيش ودخلت الى أماكن نومهم وجلست طول الليل تمسح أحذيتهم فلما عاتبها مرافقوها على انزال مقامها وهيبتها التي هي هيبة الدولة، قالت لهم بل افتخر بإمضاء ساعات وساعات في تنظيف أحذية من احتلوا اورشليم وحققوا حلمنا الموعود! كان شكرها اللفظي ربما ليكفيهم ولكنها أرادت رسالة اقوى تخلد فعلها!
إن البخل ليس فقط في الماديات ولكنه في كثير من مناشط الحياة، ومنها الوقت ومن لم يجد بالوقت فلم يكتمل ايمانه بقضيته وإلا لوضع حياته بكل دقيقة وكل درهم وكل نفس ونبضة وفكرة في سبيلها.
انظر في حياتك وكم تخصص وقتا للقضايا العظيمة التي ربما تؤمن بها نظريا ولكن ايمانك لم يكتمل في موضع التطبيق ستجد ان أغلبنا موسميو التأثر والتفاعل ثم نعود الى السبات العام ويسرق متاع الدنيا ومكابدتها اغلب وقتنا وليس فقط سبع دقائق بل سبعات وسبعات لم نعد نعدها أو نحصيها في أعمار ان طال معظمها لا يزيد عن السبعين!
في حياة كل منا تلك الطاقية وقد تأخذ أشكالا وأسماء مختلفة الا أننا نبذل ذات الجهد في ملاحقتها تاركين غفلة او عن قصد عمارة اوقاتنا واعمارنا والزكاة عنها بحسن استثمارها!
لن نستطيع ان نخصص كل الوقت للقضية فذلك لا يحسنه الا بعض أناس اصطفاهم الله ليكون أعلاما فلا نعدم على الاقل ساعة فساعة او ثلث من الوقت، فذلك اضعف الايمان وأدنى ألا تموت القضايا النبيلة بقعود اصحابها عن العمل واشتغالهم فقط بمتاع الدنيا.. او البحث عن طاقية.

(السبيل 2015-05-04)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات