الأردنيون حددوا مطالبهم من حكومة النسور

تم نشره الخميس 07 أيّار / مايو 2015 01:34 صباحاً
الأردنيون حددوا مطالبهم من حكومة النسور
د. موسى شتيوي

لم تكن نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية، ونُشرت نتائجه قبل يومين، مفاجئة؛ سواء تلك المتعلقة بتقييم الرئيس والحكومة، أو المتعلقة بالاتجاهات نحو قضايا الإرهاب والتطرف والقضايا الإقليمية.
لقد جاء تقييم الحكومة إيجابياً من قبل العينتين؛ "الوطنية" و"قادة الرأي". والثقة التي حظى بها الرئيس والحكومة من قبل المواطنين الأردنيين وقادة الرأي، قد لا تكون، بالضرورة، مرتبطة بأداء الحكومة في الملفات أو القضايا المعيشية، وبخاصة الاقتصاد. إذ أظهر الاستطلاع أن أغلب الأولويات التي تم تحديدها في الاستطلاع، وجاءت متقاربة بين العينة الوطنية وعينة قادة الرأي، كان جّلها قضايا اقتصادية ومعيشية، كالفقر والبطالة وغلاء المعيشة. وقد يتساءل البعض: كيف تحظى الحكومة والرئيس بهذه النسبة، في الوقت نفسه الذي تم فيه تحديد هذه المشكلات المهمة التي يجب على الحكومة معالجتها؟
الرأي العام له منطق ومزاج قد لا يتناسبان دائماً مع مطالعة أو قراءة موضوعية للواقع الاقتصادي أو السياسي، أو كما يراه النقاد أو المعارضة؛ أي إنه ليس تقييماً موضوعياً للحكومة، ولكنه مؤشر مهم لانعكاس مجمل السياسات العامة والحكومة ورئيسها على الرأي العام. لذلك، فالرأي العام تتم صياغته إعلامياً وسياسياً في أغلب الأحيان، لكنه يتأثر بمجموعة من العوامل المتداخلة أيضاً.
من هنا، فإن الثقة التي منحها الأردنيون للحكومة كانت تقييماً عاماً بقدرة الحكومة والرئيس على تحمل مسؤوليات المرحلة. وهنا أعتقد أنه يكمن مفتاح فهم موقف الرأي العام الأردني. فأغلب تحديات المرحلة الحالية، ومنذ سنوات، انتقلت من المستوى الوطني المحلي إلى المستوى الإقليمي الخارجي، وهذا يؤشر على تراجع التحديات الداخلية، وتعاظم التحديات الخارجية أو الإقليمية، وعلى رأسها الإرهاب وما يمثله من تهديد للأردن، كما أشار الاستطلاع، وكذلك انهيار الدول المجاورة وتفاقم أزمة اللاجئين القادمين للأردن، والتداعيات المحتملة على الأردن لهذه الانهيارات. وعلى هذا الصعيد، فإن الأمن والاستقرار وعدم السماح بانتقال النزاعات الإقليمية والطائفية التي تدور حولنا إلى الأردن، يعتبر أهم إنجاز للدولة الأردنية، والتي تمثل الحكومة شقها التنفيذي.
التقييم الإيجابي لقدرة الحكومة والثقة بها مرتبط، بدرجة كبيرة، بهذه الملفات. والأمن والاستقرار اللذان ينعم بهما الأردن، يعودان لسياسة الأردن الخارجية التي يقودها جلالة الملك، والجهود الاستثنائية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية داخل الوطن وخارجه، والتي لا يستطيع محلل موضوعي إنكار نجاحها في السنوات الماضية، وفي الأشهر الماضية على وجه الخصوص.
ويرى الرأي العام أن أغلب المخاطر والمشاكل السياسية هي في بعدها الإقليمي، وبخاصة على مستوى الأمن والأمان. إذ لم يعد الإصلاح السياسي الذي شغل النخبة والحراك الهمّ الرئيس حالياً للرأي العام، كما كانت عليه الحال في بداية الانتفاضات العربية والحراك الأردني. لكن هذا لا يعني عدم وجود تحديات داخلية، حددها الرأي العام بمشكلات الفقر والبطالة وغلاء المعيشة وغيرها. وهي على الرغم من أهميتها، لا تشكل تهديداً وجودياً، ولم ترق حتى الآن إلى مستوى تهديد الأمن والاستقرار الداخلي.
ثمة ثقة معقوله بالحكومة. لكنها تخطئ إن شعرت بالراحة لهذه الثقة، وتخطئ إذا اعتقدت أن هذه الثقة هي تفويض جديد لها. صحيح أن الأردنيين لن ينزلوا إلى الشارع للاحتجاج على الفقر والبطالة، لكن الصحيح أيضاً أن الطبقة الاقتصادية في الأردن بدأت بالتململ من الوضع الاقتصادي في المجالات كافة؛ الصناعية والتجارية والسياحية. وهذه الطبقة ترى الأزمة بمنظور آخر، لأن لها معايير مختلفة في الحكم على الوضع الاقتصادي بحكم موقعها. ويستطيع المتابع أن يتلمس مدى المعاناة التي تعيشها، والتذمر المؤسسي المرتبط بذلك.
والتحديات الاقتصادية التي برزت في الاستطلاع تحتاج جهودا استثنائية لمعالجتها، وهي أحياناً بحاجة للتفكير خارج الصندوق للتعامل معها. وفي حال تفاقم هذه المشكلات، وعدم قدرة الحكومة الاستجابة لهذه التحديات، فإنها ستكون كفيلة بأن تطيح بشعبيتها.
منح الثقة للحكومة ليس شكاً على بياض، بل سلفة لقادم الأيام، يجب على الحكومة الاستفادة منها.

(الغد 2015-05-07)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات