قديستان من فلسطين

تم نشره الخميس 07 أيّار / مايو 2015 11:32 مساءً
قديستان من فلسطين
عريب الرنتاوي

في السابع عشر من الشهر الجاري، ستحتفل الكنيسة الكاثوليكية في العالم بتصعيد راهبتين فلسطينيتين إلى مرتبة «القديسين»، وسيشرف البابا فرنسيس الأول على مراسم الاحتفال الضخم الذي ستشخص إليه أفئدة وأنظار أكثر من مليار مؤمن كاثوليكي في العالم، وسط حضور كثيف لممثلي الكنائس في فلسطين ولبنان وسائر المشرق، ووسط حضور سياسي وإعلامي كثيف، وتغطية ستشمل مئات الصحف والمواقع والقنوات في العالم... إنه يوم فلسطين في الفاتيكان روحياً، أنه يومها في روما سياسياً، وسيرتفع علمان لفلسطين على نحو متزامن، الأول في ساحة القديس بطرس في عاصمة الكاثوليكية والثاني في العاصمة الإيطالية، الأول تمجيداً للقداسة والثاني إيذانا بافتتاح السفارة الفلسطينية في روما. الراهبة مريم يسوع المصلوب من رهبنة الكرمل المولودة في عبلين في فلسطين عام 1846 والمتوفاة في بيت لحم عام 1878، والراهبة ماري غطاس، من مؤسسة رهبنة الوردية في القدس والمولودة فيها في العام 1843 والمتوفاة فيها أيضا عام 1927، عاشتا حياة إنسانية ومسيحية مثالية، وكانتا مثالا في التعبد لله وفي محبتهنّ لجميع خلائقه، هكذا تقول أدبيات الكنيسة. هي جرعة دعم استثنائية لفلسطين وشعبها السائر على درب الجلجلة منذ مائة عام أو يزيد، في سعيه لنيل حريته واستقلاله وخلاصه من نير العبودية والعنصرية واللجوء والإلغاء... هي جرعة دعم لمسيحيي فلسطين بخاصة، ومسيحيي المنطقة بعامة، الذين يواجهون واحدة من أصعب مراحل تاريخهم في هذه المنطقة، بعد عمليات الاستهداف والحرق والتهجير والاعتداء على الأنفس والأموال ودور العبادة والحرمات... هي رسالة دعم وإسناد لهم في كفاحهم من أجل الصمود والبقاء على أرض الآباء والأجداد القديسين والقديسات، أرض المسيح عليه السلام، وموطن رسالته الأول. صورة الفلسطيني «الإرهابي» التي حاولت إسرائيل زرعها في أذهان العالم، ستحل محلها صورة «الفلسطيني القديس»، وحدهم قتلة الأنبياء والرسل سيشعرون بالخزي، وهم يتابعون طقوس الترسيم ومراسمه المهيبة... ومن حق الفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين، مؤمنين وغير مؤمنين، أن يغمرهم الشعور بالفخر، فالمناسبة «وطنية» بامتياز، حتى وإن تظللت بعباءة المقدس الديني... وهي تظاهرة دعم واعتراف بفضل الفلسطيني وإسهامه في إثراء الحياة الروحية للبشرية، استثنائية بحق، وتستحق أن تلقى الاهتمام الذي يليق بها. ماري بواردي، ولدت في 5 كانون الثاني 1846 في قرية عبلين من أعمال الجليل والدها جريس بواردي وأمها مريم شاهين، من عائلة مسيحية فقيرة. توفي جميع إخوانها وهم أطفال، وفقدت والديها وهي في الثانية من عمرها، لتنتقل إلى كنف عمها، ولتبدأ مشوارها الخاص مع المعاناة وشظف العيش، قبل أن تلتحق في العام 1860 براهبات مار يوسف، ثم لتنضم الى الكرمليّات متخذة اسم «مريم يسوع المصلوب»، لتبني بعد ذلك «دير الكرمل» في بيت لحم عام 1875، وليقول عنها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني: «راهبةٌ كرملية، وُلِدَت على الأرضِ التي شهدَتْ حياةَ يسوع في الناصرة، الأرضِ التي ما زالَتْ، حتى أيامِنا هذه، سببَ همومٍ كبيرةٍ لنا ومركزَ نزاعاتٍ أليمة، إنّ خادمةَ المسيحِ المتواضعة، مريم يسوع المصلوب، تنتمي من حيث العِرق والطقس والدعوة وتنقّلاتها الكثيرة إلى شعوبِ الشرق، وهي اليوم ممثِّلةٌ لهم. ماري غطاس، فتاة عربية فلسطينية، ولدت في مدينة القدس باسم سلطانة عام 1843 من عائلة مسيحية فلسطينية انخرطت في سلك الرهبانية عام 1860، أسست «أخوية الحبل بلا دنس» و»أخوية الأمهات المسيحية، قبل أن تنجح في تأسيس «رهبانية الوردية المقدسة» عام 1883 برفقة ثمانية فتيات أخريات من مدينة القدس، التي تنتشر كنائسها ومدارسها وجمعياتها في كثير من مدن فلسطين وعدد واسع من دول المنطقة، وتشتمل بخدماتها التعليمية، المسلمين والمسيحيين على حد سواء. على هذه الأرض ما يستحق الحياة والقداس معاً، وفلسطين وطن الأنبياء والرسالات، ستظل «ولّادة» مهما تعاقبت محاولات إجهاضها وطمسها... طوبى للقديستين اللتين رفعتا في مماتهما راية فلسطين عالياً... وطوبى لكل قديس فلسطيني يعمل لتثبيت أهل فلسطين على أرضها، وتقريب ساعة الفرج والخلاص من رجس الاحتلال ودنس الاستيطان وذل اللجوء والتشرد. الدستور

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات