من طالب الى الأسدُ
أشهد أنك بلّغت رسالتها ،،، العربية تحتاج أسود أيها الأسدُ !
غت كيف أودّع من يعجز القلب عن حمل وداعه ؟ وكيف أكتب من أقف كثيرا قبل أن أعطيه ورقة يقرأ فيها ؟ فمن كان لا يخشى الخطأ في مجلس الأسد ؟ وكيف؟ وكيف ؟ إنه الموت الذي يجعل القلب يبكي دما !
أستاذي وحبيبي : لقد كنت معلمنا ومهذبنا ، ولم تزل محاضراتك ذهبا في دفاترنا الحزينة ، ونحن نحرص كما الأرض للماء على كلّ حرف ، وكلّ جملة يقولها الأسد . ولم يزل ( يوم من العمر) في رحلة الرفاق إلى الغور في القلب والذكريات ، أرأيت كيف أنّ العمر يوم ؟! أرأيت كيف ضاع العمر؟!
لقد ترجّلت أيها الفارس بعد تعب السنين، و غرست فينا حب العربية التي تستغيث من هول أخطاء المارقين والمتسلين ، والمستعربين ، واللذين لا يعرفون قيمتها العربية التي تريد أسودا أيها الأسد ، وأشهد أنك قد أديت رسالتها، وحملت أمانتها ، وسعيت إلى نهضتها، وغرست فينا حبها، وعلمتنا أنها أمانة ، أمانة دينية ومسؤولية وهوية وقومية ، أشهد أنك قد بلغت رسالتها ، وحفظت غايتها ، وتبقى المصادر والشعر في شموخ كما التوباد ، وليس للشمس لون آخر .
هاقد رحلت، والرحيل أقسى ما يكون ، وبلا وداع ، ها قد مضيت والدموع التي في العينين الآن كانت بهما قبل سنين فرحا ، حينما كنا على مقاعد الدراسة ، ونحرص على أن ندرس على يديك ؛ إذ كيف ندخل الأردنية ولا نكون تلاميذ الأسد ؟
هاقد رحلت، وقد علمتنا الأمانة أن نرد الكلام لأهله ، ونسعى إلى العلم بالبحث والاستقصاء والتحليل ، فالعلم أمانة كبرى ، ونهضة أمة كبرى ، وقد عرفنا كيف خانها الصاعدون إلى الوهم ، والمتنكرون إلى أطلالها ومعلقاتها ، ونسبوا لأنفسهم ما لا ينبغي لها .
ها قد رحلت ، وتبقى الذكريات جزء من حياتنا ، ونعرف أن المرارة في الذكريات ، ونعلم أن الموت قاهر كل الأمنيات ، أتعرف أني قد بدأت اليوم كتابة بحث في ديوانك الشعري : ( همس وبوح) الحنين والأنين ولم أعرف أن اليوم بداية بحثي نهاية سيد البحث ، وقرأت في أول ما قرأت قصيدة حب ووفاء إلى أم بشر ، وتذكرت كيف رأيت الدموع في عينيك ، يوم أن طلبتك أن تقرأ الشعر لنا في محاضرتك ، أتعرف أني وجدت نفسي فيك :
- هرم الزمانُ وحبنا لم يزل *** غضّا كعهد الأمس لم يتبدلِ
- قد حالت الأحوال مذ عهد الصّبا*** إلا الوفاء يظل لم يتحولِ
- وأنا وأنت على الوفاء مقامنا*** يا أمّ بشر.. كالزمان الأولِ
ها قد رحلت ويبقى الحب الذي زرعت ، والعلم الذي نشرت ، والروح والقلب ، والحنين والحبّ إلى أمة بحاجة إلى كلّ واحد أسد :
- حبيبتي ، لا أرى الدنيا وأسمعها *** إلا خلالك ، أنت السمع والبصرُ
- أعطيتني كلَّ ما اشتاق الفؤادُ له*** فذنب دنياي بعد اليوم مغتفرُ
أيها الأسد المحبوب فينا ، إن العين لتدمع ، وإنّ القلب ليحزن ، وإنّا على فراقك يا ناصر الدين لمحزونون ، ولا نقول إلا ما يرضي الربّ : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، رحمك الله ، وجعلك في جنات النعيم .
* طالبك المخلص : الدكتور ظاهر محمد الزواهرة .