لمن يصغي صانع القرار الاقتصادي؟

تم نشره السبت 06 حزيران / يونيو 2015 01:22 صباحاً
لمن يصغي صانع القرار الاقتصادي؟
حسن احمد الشوبكي

الاستطلاعات، بما ينفق عليها من جهد ومال، ليست ترفا ننظر إلى نتائجه في عجالة، ثم نمضي من دون أن نستفيد من الدلالات التي تنطوي عليها، ونتعلم الدروس ونستخلص العبر، تمهيدا لسياسات واستراتيجيات مختلفة. وفي الشأن الاقتصادي، تصبح المسألة أكثر تعقيدا؛ إذ من المفيد لصانع القرار الاقتصادي التوقف طويلا عند المزاج العام للسكان وتوقعاتهم حيال الوضع الاقتصادي، لا أن يكون دور الاستطلاعات شكليا أو دعائيا خدمة الحكومة، بغرض إقناع الرأي العام بأن الأمور تسير على ما يرام، فيما هي في الواقع ليست كذلك.
أواخر الأسبوع الماضي، نشر مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية نتائج استطلاع يرصد مجموعة من المؤشرات التي لا تتصل بالاقتصاد الكلي، وانما بما يمس حياة الأردنيين ويعكس مزاجهم. وقد جاءت النتائج مقلقة، وتعبر -في تقديري- عن واقع استثنائي، لاسيما على المستوى الإقليمي، بحسب العينة العنقودية المكونة من 1200 مواطن ومواطنة.
في الوضع الاقتصادي الراهن للدولة، أفاد 57 % من العينة بأنه سيئ وسيئ جدا، وأسوأ مما كان عليه في العام الماضي. وتعزز بموجب ذلك التشاؤم؛ إذ توقع أكثر من 54 % أن يكون العام المقبل أكثر سوءا. وكشف نحو 46 % عن أن دخولهم ودخول أسرهم في الوقت الراهن، منخفضة ومنخفضة جدا. وأيدت ذات النسبة مقولة أن التراجع كان واضحا مقارنة بالعام الماضي. أمام النتيجة المقلقة بحق، فهي أن الغالبية الساحقة من الأردنيين (92 %) أكدت أن أسعار السلع والخدمات في الأردن مرتفعة ومرتفعة جدا، في الوقت الذي أشار فيه نصف الأردنيين إلى أن قدراتهم حيال شراء احتياجاتهم تراجعت هذا العام مقارنة بالعام الماضي. وفي سياق آخر، انتهت النتائج إلى أن
69 % من العينة يعتبرون أن فرص العمل غير متوفرة في الوقت الراهن.
صدقا، إنها أرقام ونتائج مرعبة لأي حكومة تلقي بالا للرأي العام. وهي تتطلب السير في دروب اقتصادية جديدة، لا مجال فيها للتغني بمؤشرات وبيانات الاقتصاد الكلي. إذ كلما تحدثت إلى وزير أو مسؤول اقتصادي، انبرى للإشادة بأرقام الاقتصاد الكلي، فيما لا تنعكس –في تقديري- احتياطات النقد الأجنبي وغيرها من المؤشرات الكلية، على أهميتها، على مزاج المواطن الذي لا يلتفت إلى حديث عام عن مشاريع بالملايين والمليارات منذ سنوات، لكنه يرى أن فرص العمل غائبة، والبطالة إلى اتساع، كما أن قدرته الشرائية باتجاه هبوطي فيما أسعار السلع والخدمات إلى ارتفاع مستمر.
وقد عبر الأردنيون من خلال استطلاع الفينيق عن قلقهم مما يحدث حولهم. فالحروب والأوضاع المضطربة في سورية والعراق واليمن ومصر وليبيا وغيرها، عززت من تشاؤم العينة التي تشمل العاصمة والمحافظات، بشأن الاقتصاد ومستقبله، فبدت الآثار السلبية؛ أمنيا وسياسيا واقتصاديا، في المنطقة الملتهبة، ومنها انسداد الطرق البرية، ماثلة في آراء الأردنيين. وهذا أمر منطقي لا يحتمل الخداع أو التضليل. والمقلق أكثر هنا أن ذلك التشاؤم انعكس وسينعكس حتما على الطلب والشراء، والمبادرة إلى القيام بعمل إنتاجي، بما يؤثر سلبا في النهاية على نمو الاقتصاد بشكله الحقيقي والتفصيلي، لا الكلي.
مثل هذا الاستطلاع يفيد المسؤول والوزير وصانع القرار، ويحتاجه الاقتصاد من أجل تصويب المسار. أما غيره من الأعمال الموجهة -بشكل مكشوف- التي تذهب إلى أن الأوضاع في أفضل أحوالها، وأن الاقتصاد ضمن مساره الصحيح، فهي ليست أكثر من ذر للرماد في العيون، وسبب في التضليل والمزيد من الخسارات.

(الغد 2015-06-06)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات