رخام الطائفية وسخامها !!

تم نشره الأحد 07 حزيران / يونيو 2015 02:07 صباحاً
رخام الطائفية وسخامها !!
خيري منصور

هناك مثل شعبي لا تخلو منه لغة، ودلالته المتكررة هي ان الطبع يغلب التطبع، او ان الطلاء الهش سرعان ما تذيبه الشمس، وبالنسبة للفرنسيين فإن المثل الشائع لديهم هو ان من يكشط الرخام يجد تحته الطين، وبالنسبة للروس فإن السلافي يقع تحت قشرة الروسي، والسبب في استذكارنا لهذه الامثال هو اما نراه في عالمنا العربي الذي استغرق منذ اعوام في حفلة تنكرية تعددت اسماؤها لكن المحتوى واحد، فمن كان ليبراليا لا يكف عن الثرثرة حول فضائل الليبرالية، سرعان ما سقط عن وجهه القناع وعاد الى الطائفة، وكذلك الماركسي والقومي، فالمعادن عندما تُختبر بالنار او بالحجر الكاشف تظهر على حقيقتها بحيث يكون الذهب ذهبا والقصدير قصديرا. ما نسمعه عن ماركسيي الامس يثير فينا القشعريرة، لأن بعضهم استدار مئة وثمانين درجة وعاد الى عادته القديمة، واصبح كاثوليكيا اكثر من البابا، وطائفيا اكثر من شيخ الطائفة .

اما القومي الذي اصابنا بالصداع والغثيان لفرط ما بشّر بالقومية وحذّر من القطرية والطائفية فقد تقدم بطلب انتساب جديد الى الطائفة واعتذر عما اقترف من افكار تبدلت كالثياب الداخلية . وان كان لهذا الجحيم العربي من اعراض جانبية ايجابية فهي فقط اعادة الفرز، فالزؤان الذي تساقط من الغربال كنا سنتورط به ويكسر اسناننا او نخبزه ظنا منا بأنه قمح . لكن المثير في هذا التحول انه لم يحدث بشكل تدريجي، او على طريقة اعادة النظر في اطروحات الصّبا والشباب كما فعل فلاسفة منهم ماركس وهيجل ولوكاتش وآخرون بحيث صنفت اعمالهم الى مرحلتين، مرحلة الصبا بكل ما يقترن بها من حماسة وانفعال ومراهقة فكرية ومرحلة النضج بكل ما تتسم به من توازن . التحول عربيا من الليبرالية والقومية والماركسية والوجودية الى الطائفية كان اشبه بما سماه الشاعر الروماني اوفيد مسخ الكائنات، او ما سماه الروائي كافكا تحول الكائن الادمي الى خنفساء بحيث استيقظ من النوم ونظر الى المرآة ففوجىء بأنه اصبح خنفساء .

فهل كانت الايديولوجيات قبّعات تُرتدى وتخلع بالسرعة ذاتها ؟ ام ان هناك بشرا تتلمذوا على الحرباء فبدلوا الوانهم تبعا لمقتضيات الحاجة او تأقلما مع متطلبات سوق السياسة السوداء !! 

(الدستور 2015-06-07)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات