الرقم 18

المدينة نيوز ـ خاص ـ كتب محرر الشؤون المحلية - ربما يمثل الرقم 18 فألا حسنا في حياة الرئيس طاهر المصري السياسية، فالفترة الفاصلة بين تسلمه لاول حقيبة وزارية وتسلمه لمفتاح الدوار الرابع رئيسا هي ثمانية عشر عاما، كما ان الفترة الفاصلة بين تسلمه لرئاسة السلطة التنفيذية وتسلمه لرئاسة السلطة التشريعية هي ثمانية عشر عاما ايضا، ولو نبشنا اوراق الرئيس الشخصية لوجدنا ما يشير الى هذه الثمانية عشر عاما على الصعيدين الوظيفي والشخصي .
لكن الضجة السياسية التي شهدها الشارع الاردني عند تسلم ابي نشأت لموقعه رئيسا للوزراء عام 1991، قابلها هدوء وارتياح عند تسلمه لموقعه رئيسا لمجلس الاعيان وبالتالي رئيسا للسلطة التشريعية نهاية عام 2009.
منذ دخل بوابة البنك المركزي موظفا في منتصف الستينات فان طاهر المصري لم يغادر دائرة الوظيفة الرسمية، التي وقف على راس هرمها التنفيذي والتشريعي.
ثمانية وستون عاما، منذ ولد في مدينة نابلس عام 1942، ظلت فيها يدا ابي نشأت ناعمتين بسبب طبيعة الوظائف المريحة التي شغلها على مدى نصف قرن، وظلتا نظيفتين ايضا، كما هو صوته ولسانه : ناعمان ونظيفان .
غلطة الشاطر بالف، هكذا يقول المثل الشعبي، ويرى مراقبون ان ابا نشأت اقدم عام 1991، على ارتكاب غلطة عمره السياسية حين فتح الباب امام حكومته للمشاركة في اعمال مؤتمر مدريد التي جاءت لاحقا باتفاقية وادي عربة، وربما لم ينس ان خمسة من اعضاء حكومته قدموا استقالاتهم احتجاجا على تلك المشاركة، مما اسهم في إحداث هزة كبرى في بيت الحكومة الداخلي، في وقت ظلت فيه اصوات المحتجين على سياسة الحكومة تخترق زجاج نوافذ مكتب ابي نشأت، رغم انها كانت مغلقة باحكام .
واذا كانت عضويته في مجلس النواب جاءت عام 1972 عن طريق التعيين، فانه قرر في العام 1989 حجز مقعده في المجلس الحادي عشر عن طريق صناديق الاقتراع، ليكتشف ان له مريدين من اوساط النخب السياسية ومن جمهور البسطاء ايضا .
نابلسي يحرص على تناول المنسف بالجميد الكركي، وكان صالونه السياسي في وقت مضى قادرا على ايصال رسائله الى الاتجاهات كافة، حتى ان صانعي القرار ظلوا حريصين على الاستماع لراي ابي نشأت واستشارته احيانا .
واذا كانت حقيبة شؤون الوطن المحتل هي اول حقيبة وزارية تسلمها ابو نشأت ، الذي قاد لاحقا عجلة الدبلوماسية الاردنية لسنوات عديدة، فان علاقته بالوطن المحتل لم تنقطع، وظلت خطوطه مفتوحة مع مدينة نابلس ومع مواقع فلسطينية عديدة داخل الوطن المحتل وخارجه، وظل يملك حظوة طيبة لدى قيادة منظمة التحرير قبل توقيع اتفاقيات اوسلو .
طاهل المصري، رجل يدير ظهره لخصومه، ويعرف السياسيون الاردنيون انه لا يخوض معارك جانبية، لكنه يظل مؤمنا بموقفه وقناعاته حتى لو تعارضت مع مواقف الكثيرين، وفي لحظة يصبح من الصعب التفريق فيها بين فلسطينية ابي نشأت واردنيته، فهذا النابلسي صار واحدا من ابرز صناع القرار السياسي في عمان، دون ان تأخذه مناصبه المتعددة عن اجواء اصدقائه واهله على الصعيد الاجتماعي.
مكتبه في جبل عمان، محطة لاستقبال النخب والبسطاء معا، ومن المهم الاشارة الى ان الفترة التي تسلم فيها طاهر المصري رئاسة مجلس الاعيان، هي فترة مريحة له، فهي على الاقل ابعدته عن "وجع الراس " الذي قد يأتي به زملاؤه في الشق الثاني من مكونات مجلس الامة، ولذلك فان الرجل سيظل "يلعب وحده " في ميدان السلطة التشريعية حتى اشعار اخر .