استراتيجية الإجهاض!!

تم نشره الإثنين 22nd حزيران / يونيو 2015 01:32 صباحاً
استراتيجية الإجهاض!!
خيري منصور

لم يتنبه الكثيرون الى ما أفرزته الاعوام الأربعة الماضية في العالم العربي على الصعيدين العاطفي والوجداني، فالكلام كله مُنصرف الى السياسة والاقتصاد والأمن وكأن الانسان يعيش فقط بهذا الثالوث والذي رغم اهميته القُصوى لا يشمل بعدا بالغ الاهمية هو الثقافة، لكن بمعناها الاخر والذي يحاول الاعلام اختزاله وتسطيحه . وحسب ما يقول علماء الاحياء فإن الاشباع الكاذب او الوهمي لحاجات الانسان وما يحلم به يؤدي الى ما هو أسوأ من الحرمان، لأنه يشيع حالة من الاحباط قد تدفع الانسان الى اليأس، والقبول بالامر والواقع وبالتالي التأقلم مع الشروط التي تحاصره حتى لو كانت تنال من حريته وكرامته . ما حدث في الوطن العربي إثر حراكات منها ما كانت دوافعه نبيلة ومبررة انسانيا هو اشباع كاذب، فالسّراب لا يصلح للشرب او الوضوء وغسل الموتى، لأنه من اختراع العين الكليلة التي غطاها القذى، فهل ستعود حكاية الراعي والذئب من خلال تجلّيات جديدة؟ بحيث لا يصدق الناس ما يسمعون من وعود، فقد سال لعابهم بما يكفي على رغيف ما ان اقتربوا منه حتى طار وعلى حرية حلموا بها قرونا لكنها تحولت الى ما يشبه تلك البحيرة الاسطورية عند الاغريق القدماء بحيث كلما اقتربت منها الشفاه المشققة من الظمأ ابتعدت . ان الانسان حين يجد نفسه مُنبَتّا لا حرية قطع ولا استقرارا حتى لو كان آسنا أبقى ينكفىء داخل ذاته، ويحاول الاحتماء بالشرنقة التي ينسجها من فائض خوفه وجوعه وشعوره بالاستعباد ! وهناك نمط ليس شائعا من الاستراتيجية الاجهاضية، التي تسعى الى دراسة وتشخيص الممكنات القابلة للتحقق في الواقع ثم تجهضها، وتستولد بالانابيب السياسية والايديولوجية بدائل صناعية لها .

وهذا التفكير الاستباقي يليق بمرحلة ما بعد الحداثة التي يعيشها العالم في هذه الألفية، ومقابل الحروب الاستباقية ذات الشرعيات الملفقة بأثر رجعي ثمة حراكات شعبية يجري اختطافها والسطو على بوصلتها بحيث تصبّ في مكان آخر وليس في المصب التاريخي الذي كانت تجري باتجاهه ! ما نخشاه هو ان هذا الاشباع الكاذب وما اقترن به من سراب دفع العربي مجددا الى التأقلم مع الأمر الواقع بحيث يجد نفسه هاربا من النار الى الرّمضاء، او من زنزانة الى اخرى كما في حكاية مونت كريستو . ان اربعة اعوام وبضعة اشهر تكفي لأن نرى ما حجبه الصراخ والدخان فلماذا كل هذا التعامي؟ 

(الدستور 2015-06-22)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات