اوغلو يقارن سايكس – بيكو مع سيفر

ماذا تعني مقارنة رئيس الوزراء التركي اتفاقية سايكس – بيكو باتفاقية سيفر، وما هي علاقة ذلك بكل ما يجري في سورية والعراق ودخوله الى الاراضي السورية كما لو انه كان داخل الاراضي التركية.
وما هي علاقة ذلك ايضا بالحشود التركية على الحدود السورية والاعلان عن التدخل المتوقع للطيران التركي فيما تشهده سورية.
وكذلك، ماهي علاقة كل ما سبق باسم المجلة المركزية لعصابة داعش (دابق) واختيار شخص يحمل الجنسية التركية لرئاسة ما يعرف بالائتلاف السوري المعارض:-
1.بعد الحرب العالمية الأولى وهزيمة تركيا فيها، نظمت قوى الاستعمار الأوروبي المعروفة بـ (الحلفاء) مجموعة من المؤتمرات والاتفاقيات ، كان بينها ما يخص تركيا واراضي العرب والشعوب الأخرى التي كانت تحت سيطرتها ، اتفاقية سيفر (نسبة الى مدينة في فرنسا).
وقد عقدت الاتفاقية في شهر آب من عام 1920 ونصت على اعادة تقسيم هذه الاراضي بين فرنسا وبريطانيا بحيث يمنح الأكراد حكما ذاتيا والأرمن دولة مستقلة ، وتعاد تراقيا الشرقية (اليونانية أصلا) إلى اليونان، وتوضع الأراضي العربية تحت الانتداب البريطاني – الفرنسي.
2.ردا على ذلك نظم مصطفى كمال اتاتورك (ابو تركيا) حربا مضادة بمساعدة الروس ، وتمكن في غضون عامين من قلب ميزان القوى على الأرض واجبار البريطانيين والفرنسيين على مراجعة اتفاقية سيفر واستبدالها باتفاقية جديدة عقدت في لوزان استمرت مداولاتها عدة أشهر وانتهت في تموز 1923 .
وقد نصت الاتفاقية الجديدة فيما نصت عليه، على شطب الحكم الذاتي للاكراد وعلى تأسيس الدولة الأرمنية ، كما أكدت ضم تراقيا اليونانية لتركيا ، الا أن الأرمن وحدهم تمكنوا بعد مقاومة عنيفة من تثبيت دولتهم على قسم واسع من ارمينيا باستثناء بعض المناطق ومنها جبل ارارات الأرمني الشهير في اسطورة الطوفان.
3.أما عن تصريح رئيس الوزراء التركي ودعوته لشطب اتفاقية سايكس – بيكو على غرار ما شهدته اتفاقية سيفر فهو كلام خطير وكبير، مر (مرور الكرام) على مسامع الرأي العام العربي الذي يحن بعضه للاستعباد العثماني وقرونه المديدة من التخلف والظلام التي توقف فيها العرب عن تقديم اسماء رفيعة في العلم والفلسفة والشعر والادب كما كانوا عليه في العهود الأموية والعباسية وقبلها في حضارات الرافدين واوغاريت والفراعنة التي سبقت الاسلام.
4.وهو ما يؤكد النوايا العثمانية المبيتة لاعادة استعمار العرب انطلاقا من تحطيم سورية والعراق وتحويلهما الى دويلات عثمانية… وليس بلا معنى ان تطلق عصابة داعش الاجرامية التكفيرية اسم (دابق) على مجلتها المركزية تيمنا بمعركة مرج دابق (شمال سورية) التي كانت بداية الاستعمار العثماني للشرق العربي.
وليس بلا معنى ان يتحرك اوغلو والمسؤولون الاتراك داخل الاراضي السورية بذريعة (مقام جدهم) بحراسة داعش (صنيعة المخابرات الاسرائيلية والأمريكية والتركية) وهو المقام الوحيد الذي نجا من فؤوس وديناميت داعش.
ومما له دلالة كذلك اصرار الاتراك في الاتفاقيات التي تلت الحرب الأولى على ابقاء المقام داخل الاراضي السورية ذريعة للايام التالية..
وفي كل ذلك فإن تركيا التي ساهمت كغيرها في تحطيم الخطاب القومي واستبداله بخطاب مذهبي (سنة – شيعة) مقدمة لتقديم نفسها راعية لاهل السنة ، هي اولا ليست دولة سنية بل خليط من افكار ابي حنيفة الذي يعتبر الامام جعفر معلمه واستـــــاذه ومــــن مدارس صوفية متعـــــــددة (الدراويش والكباتشية) .
(العرب اليوم 2015-06-22)