النمو الاقتصادي - الربع الأول
تأخر نشر إحصائية الناتج المحلي الإجمالي عن الربع الأول من هذه السنة لأكثر من أسبوع بعد الموعد المحدد ربما بسبب المراجعة التي أجرتها وزارة التخطيط قبل أن تفرج عن الأرقام ، لأن النتائج جاءت دون التوقعات ، ومع ذلك فإن هبوط معدل النمو لا يشكل مفاجأة إذا أخذنا بالاعتبار هبوط نشاط الإنشاءات ، وتراجع السياحة الواردة ، وانخفاض الصادرات الوطنية ، وركود الصناعة التحويلية.
مع ذلك فإن بعض الأرقام المنشورة تثير الاهتمام ، وربما تحتاج للتفسير ، فلماذا يبلغ المخفـّض العام حوالي 3% مع أن معدل التضخم بأسعار المستهلك في الفترة ذاتها كان سالباً ، ولماذا نفترض أن الأسعار في قطاع النقل (والاتصالات) ارتفعت بنسبة 2ر2% مع أنها انخفضت بشكل ملموس على أثر انخفاض أسعار المحروقات.
المعروف أن الربع الأول من السنة ليس أفضل الفصول بل أدناها ، كما أن العاصفة الثلجية زادت الطين بلة ، إذ عطلت الحياة العامة وعجلة الإنتاج لبضعة أيام.
كان المأمول أن يصل النمو الاقتصادي هذه السنة إلى 4% كما توقع خطاب الموازنة ، أو 8ر3% كما توقع صندوق النقد الدولي ، أو 4ر3% حسب آخر توقعات الصندوق. والواقع أن الظروف الصعبة المعروفة لا تسمح بالكثير من التفاؤل وتوقعات النمو الإيجابي ، ففي مثل هذه الظروف يكفي ان يتحقق نمو إيجابي بأي نسبة ، وأن لا يحدث تراجع.
ما زلنا – إحصائياً–في الجزء الأول من السنة ، والمأمول أن الأرقام ستكون أفضل في الربعين الثاني والثالث ، اللذين يمثلان قمة النشاط الاقتصادي ، وبالتالي فإننا لن نكون بعيدين عن معدل نمو إيجابي 3% عن السنة بأكملها.
يذكر أن النمو الاقتصادي يقاس بالأسعار الثابتة ، ولكن الأسعار الجارية لها أهمية ، وهنا نلاحظ أن نسبة النمو بالأسعار الجارية كانت فوق 5% وهي نسبة جيدة ، في ظل تضخم منخفض.
الأرقام والنسب المئوية في حسابات الدخل القومي لا يمكن أن تكون دقيقة ، ففيها قدر كبير من التقديرات التي قد يجانبها الصواب ، ومن هنا فإن الزيادة أو النقص بنسبة 1% لا تعني بالضرورة تغيراً حقيقياً له معنى اقتصادي ، فقد يكون هذا التغير البسيط ناشئاً عن عدم دقة عنصر التقدير.
(الرأي 2015-07-05)