إشارة حمراء من بلد أخضر !!

تم نشره الإثنين 06 تمّوز / يوليو 2015 01:05 صباحاً
إشارة حمراء من بلد أخضر !!
خيري منصور

العدوى قدر تعلّقها بالحراكات السياسية تكون احيانا متبادلة، فاذا كانت شرارة البوعزيزي التونسية أشعلت الكثير من الهشيم العربي، فان العدوى المضادة كانت من مصر وهو التغيير الدراماتيكي الذي حدث في تونس من خلال فوز النداء . وما طرأ موخرا على تونس من احداث اهمها مذبحة سوسة السياحية التي اراد مرتكبوها ان تتحول الى سياسة، فَرَض على الدولة اعلان الطوارئ لكن بعد فترة من وقوع المذبحة . ويعيد بعض المراقبين هذا التأجيل الى مشاورات أجراها الرئيس التونسي مع الاحزاب والقوى السياسية في بلاده، ومما يقال حول اعلان الطوارىء ان تونس تستشعر خطرا كبيرا قادما، وهو كما وصفه الرئيس التونسي يهدد الدولة، وقد أسهمت في هذا الاجراء الاستباقي المخابرات البريطانية بما سرّبته من معلومات، خصوصا بعد ان كان لبريطانيا حصة الاسد من ضحايا مجزرة سوسة . انها اشارة حمراء تصدر عن بلد اخضر وتونس ليست خضراء بالمعنى الجغرافي فقط، بل هي كذلك ايضا بالمعنى التاريخي سواء من حيث الشوط الذي قطعته في التمدين والتحديث وتبلور مفهوم المواطنة، او من حيث اصرار شعبها على تحصين مكتسباته لعدة عقود .

هذه الاشارة الحمراء من تونس توحي اولا بأن الارهاب قابل للتمدد وتكرار المحاولات وانه يهدف الى ما هو أبعد من قتل سواح او مواطنين ابرياء، ان هدفه اساسا هو تفكيك دول واحداث فراغ هنا او هناك يسعى لأن يملأه ويحوّل ما يسطو عليه من ارض الى نقطة استقطاب اولا ومن ثم الى نقطة انطلاق . وما كان لتونس ان تسارع الى اعلان الطوارئ لولا ان السبب جلل، وهذا بالفعل ما اشار اليه رئيسها مؤخرا وكان يوحي لسامعيه بأن هناك ما يستحق مثل هذا الاجراء . هكذا تصبح تداعيات هذا التمدد الوحشي لجماعات ارهابية أبعد وأشد خطورة من نزيف الدم، لأن ما تسعى اليه هو نزيف آخر من الدولة ومؤسساتها بحيث تسهل السيطرة عليها بدءا من البقع الرخوة . وهذا التداعي وما قد يتبعه من تمدد يتطلب استراتيجية في المواجهة لا ترتهن لحادث هنا او هناك، فالحرب على الارهاب يبدو انها بالفعل طويلة الامد، خصوصا وان التباطؤ قدر تعلقه بالمايسترو الامريكي ينذر بذلك . اشارة تونس او برقيتها العاجلة ليست موجهة فقط الى الشعب التونسي بل الى الجوار ايضا، لأن الانتشار السرطاني للارهاب اصبح عابرا للحدود ويطمح الى ان يتحول الى أوانٍ مستطرقة تشمل التضاريس العربية كلها !! 

(الدستور 2015-07-06)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات