الثقافة في مواجهة دواعش الداخل

تم نشره الأربعاء 08 تمّوز / يوليو 2015 12:54 صباحاً
الثقافة في مواجهة دواعش الداخل
أسامة الرنتيسي

 

مهما بالغت عصابة داعش في ممارساتها الاجرامية، وفيديوهاتها البغيضة، واشكال القتل التي تتفنن بها، في دولة الخلافة التي تتحكم بها في العراق والشام، فهي لن تخلق رعبا في قلوب الاردنيين، ولن تقترب من حدودنا مهما كانت الظروف، الخوف كل الخوف من دواعش الداخل، الذين يضمرون التأييد لفكر داعش، ويظهرون على الواقع عكس ذلك.

المعركة ضد دواعش الداخل، فكرية ثقافية بامتياز، لهذا فإن المطلوب من الجهات الثقافية اكبر بكثير من المطلوب من جماعة وزارة الداخلية واذرعها المختلفة.

للثقافة في الاردن عنوانان، رسميا وزارة الثقافة، وشعبيا رابطة الكتاب الاردنيين.

لم نلمس منذ بدء معركة الدواعش فعلا ثقافيا لوزارة الثقافة التي تقودها وزيرة، زميلة وصديقة، اكاديمية وليبرالية، ولها نظرة تقدمية في الحياة، حتى لم نسمع من وزارة الثقافة رأيا في استقدام دعاة الى البلاد، وهل هذا يخدم معركتنا في مواجهة الفكر المتطرف؟.

على الجانب الاخر، رابطة الكتاب الاردنيين، مخزن الثقافة الشعبي والوطني، ينشغل معظم اعضاؤها الذين يتجاوزون الالف عضو، منذ فترة في التحضير لانتخابات الهيئة الادارية المزمع عقدها في 4 ايلول (سبتمر) المقبل، ولا ينشغلون في المعركة الفكرية الثقافية ضد دواعش الداخل وحواضنها.

غياب المثقفين الأردنيين الفظيع عن المشهد الثقافي والسياسي والاجتماعي الأردني، في ظل احتدام المعركة الثقافية ضد التطرف والانغلاق والجهل، هو الذي يفسح المجال لاصوات الظلام ان تأخذ الحيز الذي لاتتم تعبئته بالثقافة والفكر الجاد والمحترم.

منذ شهرين والزخم غير الطبيعي لنشطاء الرابطة من الكتلتين الرئيسيتين القدس والتجمع الديمقراطي، وما بينهما من قوى وتيارات اخرى، يتحرك باتجاه الانتخابات، والاجتماعات تتوالى، والاتصالات الهاتفية تسخن، والكولسات النهارية والليلية وقبل الفجر تصل مدياتها، وأصبح معظم المشتغلين بالهمّ الثقافي شعلة نشاط، يحسدون عليها، لكن من دون فتح الملف الاهم، كيفية مواجهة ثقافة الجهل والتطرف.

كل الحراك الانتخابي في رابطة الكتاب الاردنيين سوف يبقى هامشيا، اذا لم يصل هذا الفعل الى عمق المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي، ومعركته الاساسية هذه الايام.

سيقول بعضهم إن عددًا من المثقفين وأعضاء رابطة الكتاب تحديدًا حاضرون في أي نشاط، وبعضهم لا تغيب عنه أية فعالية، وهذا صحيح لا نقاش فيه، لكن هل يكتفي المثقف بدور رجل الشارع العادي أو حتى الحزبي الذي يشارك في الاعتصامات والمسيرات، ويتشارك معه في إطلاق الشعارات وحمل اللافتات، وبعد ذلك كفى المؤمنين شر القتال؟

في الأردن معركة ثقافية فكرية مجتمعية ضد الفكر المتطرف، وانصار الفعل الاجرامي الداعشي، على المثقفين الحقيقيين أن يقولوا شيئا، أن ينيروا الطريق أمام الناس.

الخوف أن بعض المثقفين غير مشتبك مع الحياة، يكتفي بحضور ندوات، حضورها لا يزيدون على عدد أصابع اليدين، يمارس الجدل البيزنطي مع حاله، وفي أبعد الحالات مع شلته، والمثقف يجب ألا يدخل أية قضية ويلتزم بها، وإنما عليه أن يترك دائما داخل نفسه هامشا يمكنه من التفكير ويفسح له عند الضرورة فرصة للمراجعة والتراجع من دون أن يفقد من شرفه الثقافي، فمن حقه أن يقتنع بما يشاء على ألّا ينسى أنه مسؤول، وكثير من المثقفين العرب تواروا عن الأنظار والإبداع لأنهم تخندقوا في مواقع أتى عليها الانهيار.

لا أحد ينكر أن الثقافة بشكل عام تعاني من التوتر، وأصبح مطربو الفن الهابط يحظون بالاهتمام والرعاية أكثر مما يحظى به المفكر والفيلسوف والشاعر والمبدع. المثقفون وقادة الرأي استقالوا وتركوا أمر الثقافة للمشبوهين والعابرين.

لقد أصيب العقل بانتكاسة وأفلست الكلمة عندما غاب المثقفون الحقيقيون، فعلى مثقفينا أن ينزلوا من أبراجهم العاجية.

(العرب اليوم 2015-07-08)

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات