اليونان تلبي معظم شروط الدائنين

يبدو أن أزمة اليونان في طريقها إلى تسوية معينة إن لم تكن تشكل حلاً جذرياً ، فإنها على الأقل تؤمن شراء الوقت وتأجيل المشكلة، وهذا حسن إذا كان الوقت سوف يستخدم ولو جزئياً في تصحيح الأوضاع الشاذة التي قادت اليونان إلى هذا المأزق.
في أوساط الحكومة اليونانية ذهبت السكرة وجاءت الفكرة ، ففي الأخبار أن رئيس الحكومة اليونانية تخلى عن الحماس المفرط والشعارات الرنانة فدخل في الموضوع ، وقدم للدائنين مشروعاً للإصلاح يلبي معظم مطالبهم ، ومن ضمنها: رفع ضريبة القيمة المضافة (المبيعات) من 13% إلى 23% ، ورفع سن التقاعد إلى 67 سنة ، وإلغاء المزايا والإعفاءات الضريبية التي كان يستفيد منها الأغنياء ، والقيام ببيع بعض موجودات الحكومة ذات الطابع التجاري من باب التخاصية لتأمين سيولة نقدية.
الدائنون قد يطلبون المزيد من التنازلات ، وقد يوافقون على هذا العرض ، ليس لأنه في نظرهم مثالي بل لأن لهم مصلحة في حل الازمة أو تأجيلها ، ذلك أن البنوك الدائنة لا تريد أن تشطب عشرات المليارات من اليورو تحت باب ديون معدومة ، كما أن ما ُيصيب اليونان سوف ينعكس على الاتحاد الأوروبي ، خاصة وأن هناك دولاً أوروبية أخرى أعضاء في الاتحاد ومرشحة للوقوع في نفس الأزمة التي تعرضت لها اليونان مثل إيطاليا وإسبانيا وبلجيكا.
مصلحة جميع الأطراف تقتضي أن تتم لفلفة الموضوع بشكل أو بآخر ، وتجاوز الأزمة أو ترحيلها إلى الأمام اكتفاء بالدروس المستفادة.
يذكر أن إجراءات التقشف القاسية التي ستأخذ بها اليونان ، ما كان ممكناً تمريرها إلا بواسطة حكومة يسارية متشددة وشعبوية ، حيث لا يستطيع الآخرون المزايدة عليها!.
إذا كانت هناك إجراءات مالية ونقدية ، وتغييرات هيكلية ، تستطيع أن تحقق الإصلاح الاقتصادي، فلماذا لم تستطع الحكومات اليونانية المتعاقبة أن تقوم بها مختارة بدلاً من الانتظار لتقوم بها مجبرة وبشكل مهين؟.
الحكومات اليونانية المتعاقبة ظلت لمدة طويلة تستدين الأموال من البنوك التجارية والمؤسسات الدولية، ليس لإقامة مشاريع أو بناء قاعدتها الاقتصادية، بل لدفع رواتب تقاعد عالية ورفع مستوى المعيشة بشكل مصطنع وتشجيع الكسل. وقد جاء الوقت لدفع الثمن.
(الرأي 2015-07-12)