الحل.. قانون عادل وانتخابات نزيهة

الهجمة التي دشنها رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة على قانون الصوت الواحد الانتخابي، ليست منقطعة الصلات بما يدور حول مستقبل قانون الانتخاب المنتظر، على ما يبدو ان تحريكا ما لهذا القانون هو ما فتح النقاش من جديد حول قانون الانتخاب.
حتى الآن لم تستقر المرجعيات على الشكل النهائي للنظام الانتخابي، ودهاقنة مجلس النواب ينتظرون "الدخان الابيض" حتى يعرفوا الى اي نظام انتخابي سينحازون، برغم أن أجواء التأييد للصوت الواحد تغلب على افكار نواب ونواياهم وعملهم.
جهود كبيرة يقوم بها وزير التنمية السياسية الدكتور خالد الكلالدة لاخراج قانون انتخاب تقدمي، يحقق العدالة، وفي الاساس التخلص من قانون الصوت الواحد، الذي لا يزال يلقى مدافعا عنه في الحلقات الضيقة.
لم نسمع أحدا يعيد الحياة للصوت الواحد علانية بعد آخر تصريح اطلقه قبل سنوات رئيس الديوان الملكي الدكتور فايز الطراونة عندما كلف برئاسة الوزراء، وقال: "اننا لم ندفن الصوت الواحد".
قيل عن مساوئ الصوت الواحد اكثر مما قال مالك في الخمر، ومع هذا هناك من يحاول ان يعيد الحياة للصوت الواحد الذي ينقسم الى الصوت المتحول وهو الذي يطبق في كثير من دول العالم، وهناك الصوت الواحد غير المتحول وهو ما يعرف حسب الخبير في الشؤون البرلمانية الزميل وليد حسني بنظام (فناواتو) وهي جزيرة صغيرة في المحيط الهندي عدد سكانها لا يتجاوز 75 الفا، وفيها برلمان مكون من 55 عضوا، ولا يوجد في العالم سوى (فناواتو) وافغانستان بعد التحرير استخدمته لدورة واحدة، ونحن في الاردن من يطبق نظام الصوت الواحد غير المتحول منذ عام 1993 وزدنا عليه سوءا الدوائر الوهمية.
قراءة تطورات الاوضاع على صعيد قانون الانتخاب تجاه ضرورة البحث عن قانون متقدم وعصري، باتت امرا ضروريا، بعد أن خلطت الأوراق لسنوات، والعلاج لهذه الحالة هو ما أجمع عليه معظم القوى السياسية المعارضة والوسطية والعشائرية، على المادة الثامنة تجاه ثلاثة اصوات، صوت للفردي وآخر للمحافظة وثالث للوطن، مع زيادة تمثيل المناطق كثيفة السكان، (عمان والزرقاء واربد ولواء عين الباشا) وزيادة القائمة الوطنية وتحويلها الى قائمة حزبية.
علينا التخلص مما ينقل على لسان اكثر من طرف في الدولة، ان مقاعد الصوت الواحد في قانون الانتخاب (108 مقاعد) اصبحت حقوقا مكتسبة لا يجوز المسّ بها، وفي هذا القول تمييز فاضح بين المواطنين، بين من هو اصلي، ومن هو "غير كامل الدسم"، وهي محاصصة مرفوضة بكل المعايير.
حتى لا تتكرر الاخطاء التاريخية في السياسات الرسمية وفي الوقت الذي تحتاج فيه البلاد الى خطة إفراج عن حزمة الاصلاحات العامة، وتخفيف اجواء التوترات الاجتماعية في البلاد، فإن السياسة الرسمية تتجه الى مزيد من الانغلاق، والانحياز للاتجاهات المعادية للتقدم والتطوير، والتي طالما وقفت في مواجهة المشروع الاصلاحي الديمقراطي حتى لو كان ذلك على حساب استقرار الوطن.
للدولة والبلاد وللحياة السياسية والاستقرار، ولكل التيارات السياسية المعارضة والحليفة، وللتجمعات الشبابية والشعبية، ولكل القوى الحية مصلحة وطنية في الوصول الى قانون انتخاب تقدمي وعادل، وانتخابات بمشاركة الجميع، وبأعلى درجات النزاهة.
(العرب اليوم 2015-07-14)