المديونية بالدولار أم بالدينار؟

الحكومة الأردنية على وشك اقتراض مبالغ بالعملة الأجنبية خلال هذه السنة ، فهناك رصيد قرض صندوق النقد الدولـي بمبلغ 400 مليون دولار ، وقروض فرنسية ويابانية وبريطانية ، والأهم إصدار سندات اليورودولار بكفالة أميركية بمبلغ 5ر1 مليار دولار وصكوك إسلامية برهن موجودات الدولة ومصادر إيراداتها.
ليس لدي رقم دقيق عن مجموع القروض الخارجية التي سيعقدها الأردن خلال هذه السنة ، ولكني افترض لغايات التحليل أن الاقتراض الأجنبي لن يقل عن 2 مليار دولار.
هذا لا يعني أن مديونية الأردن الكلية سوف ترتفع بأكثر مما هو مقرر سلفاً ، ذلك أن حصيلة القروض الاجنبية سوف تستخدم جزئياً لتسديد قروض أجنبية سوف تستحق وتمكن الخزينة من تسديد جانب من سنداتها المحلية بالدينار دون أن تقترض بدلاً منها.
لهذه العملية نتيجتان:
الأولى أن بنية المديونية سوف تتغير باتجاه زيادة حصة الديون الأجنبية بالأرقام المطلقة بمقدار 8ر1 مليار دينار من 38% في نهاية العام الماضي إلى 45% في نهاية هذه السنة.
والثانية أن سيولة البنوك المحلية سوف ترتفع لأن جانباً مهما من سندات الخزينة التي تملكها سوف تتحول إلى سيولة نقدية تضاف إلى السيولة الفائضة الحالية.
النتيجتان لا تستحقان الترحيب ، أولاً لأن مديونية الأردن الحقيقية بالعملات الأجنبية تجاه مؤسسات وحكومات أجنبية سوف ترتفع وهي نقطة ضعف بمقياس قوة المركز المالي للبلد.
وثانياً لأن سلوك البنوك الأردنية سوف يختلف ، فالفوائد سوف تواصل انخفاضها لدرجة تقلل الميزة التفضيلية للإدخار بالدينار وتشجع الدولة دون أن تؤدي إلى اجتذاب مقترضين جدد مؤهلين لأن التسهيلات المصرفية لهؤلاء متوفرة أصلاً. وسيمتد الضرر إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي التي تستثمر معظم أموالها السائلة بسندات الخزينة وعليها بعد الآن أن تقبل مردودأً أقل على ودائعها لدى البنوك.
الفوائد المدفوعة على القروض المحلية يعاد تدويرها ضمن الاقتصاد الوطني ، أما الفوائد على القروض الخارجية فهي عبء على الاقتصاد الوطني وميزان المدفوعات.
السؤال: لماذا تسير الحكومة بهذا الاتجاه دون أن تكون مضطرة له ، وهي تعرف أن المديونية بالعملة الأجنبية أكثر خطورة من المديونية بالدينار. كما تعرف أن البنوك تبحث عن مقترضين مؤهلين من القطاع الخاص ولا تجدهم ، وأن احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية لا يحتاج للدعم بأموال مقترضة.
(الرأي 2015-07-15)