حرب على داعش أم تصفية حساب مع «المسألة الكردية»؟

تم نشره الأحد 26 تمّوز / يوليو 2015 12:50 صباحاً
حرب على داعش أم تصفية حساب مع «المسألة الكردية»؟
عريب الرنتاوي

دخلت تركيا رسمياً الحرب على “داعش”، طائراتها تضرب في شمال سوريا وشمال العراق... تسهيلات واسعة مُنِحت للطائرات الأمريكية لاستخدام القواعد التركية في هجماتها ضد أهداف لتنظيم “داعش” ... حملات اعتقال ومداهمة طالت المئات من المشتبه بهم ... الأمم المتحدة تبلغت بقرار الحرب ومبرراته وأسبابه الموجبة، فيما رئيس الحكومة التركية يصرح بأن ما تم حتى الآن، ليس سوى “مرحلة أولى” أو “بداية مطاف”... إن كانت هذه هي البداية، فكيف ستكون نهاية المطاف؟ تركيا لم تخف حقيقة موقفها، أنقرة وضعت “داعش” وحزب العمال الكردستاني “PKK” واليسار التركي المسلح، في سلة واحدة، جميعهم إرهابيون، والحرب تستهدفهم جميعاً ولا تميز بينهم ... الأمر الذي كشف دفعة واحدة خبيء النوايا التركية وخبيثها ... تركيا المكلومة بجرائم داعش، تريد أن تصفي حسابها المفتوح مع “المسألة الكردية” وبخلاف ذلك، لا معنى لأي تحليل أو “تقدير موقف”. هي الطريقة الأردوغانية في “القطع” و”الحسم” مع الخصوم، حتى وإن استوجب ذلك خوض المعارك على جبهات قتال متعددة ... ولولا الضغوط الدولية، الأمريكية بخاصة... لولا الخشية من ردات فعل غير محسوبة من قبل إيران وروسيا، لكانت الحكومة التركية قد أدرجت النظام السوري في لائحة أهدافها، وهي التي طالما ربطت الحرب على داعش بالحرب على النظام، وطالما طالبت بإسقاط رأسين بحجر واحد: رأس الأسد ورأس البغدادي ... لكن أما وقد تعذر ذلك، بلا بأس من “المساومة” على بقاء رأس الأسد بين كتفيه، وإن لحين من الوقت، والعمل لقطع رأس الحركة الوطنية الكردية وضرب عمودها الفقري ، مجسداً بشكل خاص بحزب العمال بزعامة أسير “إميرلي”، عبد الله أوجلان. هذا لا يعني أن تركيا لن تكون جادة في حربها على “داعش”، فالقطيعة مع التنظيم الأصولي حاصلة لا محالة، لا لأن الحكومة التركية أدركت خطورة وعبثية الرهان على “السلفية الجهادية” لنشر قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان في سوريا (؟!)، بل لأن “داعش” هي من أخذ يضيق ذرعاً بتركيا تحت حكم “الطاغوت”، وهي التي بادرت إلى القطع والقطيعة مع أنقرة، وهي التي فتحت النار على حليفتها الأوثق، لأول مرة. تركيا ستكون أكثر جدية، في حربها على الأكراد، ودائما تحت شعار “الحرب على الإرهاب”، لأن تركيا عندما قدمت تسهيلات لا حدود لها لـ “داعش”، كانت تهدف بالأساس، استخدام التنظيم الدموي في تقطيع السبل أمام فرص أي كيان كردي مستقل وممتد جغرافياً، وعندما فشلت داعش في “توفير البضاعة” وحظي الأكراد بدعم إقليمي ودولي، وحققوا ما تحقق من مكاسب سياسية وإعلامية ولوجستية، لم يعد أمام أنقرة من خيار سوى أن تأخذ المهمة على عاتقتها، وأن تشرع في تنفيذ “العقاب الرباني” للأكراد، لأنهم تورطوا في مسلسل خيانات اردوغان. وليس مستبعداً أبداً ان توسع أنقرة دائرة “مقامرتها” العسكرية، كأن تعمد تحت غطاء القصف الجوي الكثيف، إلى إحياء فكرة “الشريط العازل” الذي طالما طالبت بإقامته على امتداد حدودها مع سوريا، ليكون منصة انطلاق لعمليات توسع بري، هدفها غير البريء وغير المضمر: تدمير فرص قيام كيان كردي من جهة، وتعبيد الطريق صوب دمشق من جهة ثانية. هي ثاني مفارقات المشهد السوري الذي تعقّد بأكثر مما يجب خلال السنوات الأربع الفائتة ... الأولى بالأمس، حين كان العالم في حمأة الانتظار لضربات جوية أمريكية ضد النظام السوري مشغولاً بعدّ الأيام الأخيرة للرئيس الأسد، يومها قلنا في هذه الزاوية بالذات، أن أول غارة أمريكية على أهداف فوق التراب السوري، ستتوجه صوب أهداف للمعارضات المختلفة، من سياسية ومذهبية وغيرها ... والثانية اليوم، حين وقف العالم على شفا هاوية تدخل تركي بري واسع روّج له أردوغان وأركان نظامه لاقتلاع نظام الأسد، لتأتي أولى “وجبات” الضربات الجوية التركية مستهدفة داعش” والأكراد .... ولا ندري مًنْمِنْ خصوم النظام، سيكون تاليا في لائحة الدول التي ستصوب نيرانها ضد التنظيم ذي المرجعية الأصولية بدل النظام البعثي العلماني الذي يبدو انه سيكون “باقيا ويتمدد”. 

(الدستور 2015-07-26)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات