فقه السلطة النيبوتي

تم نشره الأحد 26 تمّوز / يوليو 2015 12:53 صباحاً
فقه السلطة النيبوتي
خيري منصور

أصبحت عائلة المصطلحات المتعلقة بانظمة الحكم كالباترياركية والثيوقراطية والاوتوقراطية اكثر رواجا في هذه الاونة بسبب ما يبث عبر الفضائيات من برامج حوارية يستعرض فيها من يطلق عليهم اسم الخبراء الاستراتيجيين هذه المفردات العصيّة على الترجمة فتبدو ذات وميض فوسفوري يخطف الاسماع والابصار معا . ورغم ان هذه القائمة اشبه بقائمة طعام في مطعم فرنسي لا تثير شهية من لا يعرفها ولم يسمع بها الا انها اصبحت ضرورية للتعبير عن واقع الحال، اما المصطلح الأدق في التعبير عن انظمة سياسية اسقطت خلال الاعوام القليلة الماضية فهو قد يبدو غريبا وغير مألوف لأنه مشتق من كلمة ايطالية تعني حكم الاقارب، لهذا تقول الكاتبة مورال فايسباخ في كتابها المكرس للتحليل النفسي لأربعة من الزعماء العرب المخلوعين ان هذا المصطلح هو الأدق بالفعل في وصف ما آلت اليه تلك النظم، التي كان عقب آخيل فيها والذي ادى الى تساقطها تباعا هو ( النيبوتية ) اي تحول الاوطان الى شركات وغنائم، وفي المقدمة منها تونس واليمن، حيث اصبح الاقتصاد في البلدين خلال عقدين من الزمن رهينة للأصهار والاقارب . وسبب تحول النيبوتيّة الى عقب آخيل ونقطة ضعف لتلك الانظمة هو ادراك الشعوب بأنها منهوبة ويمارس عليها السّطو بالقوة، وما من سبيل لاستعادة حقوقها الا بخلع تلك النظم من جذورها، لكن ليس كل ما تتمنى الشعوب تدركه، لأن العواصف لا الرياح تجري بما لا يشتهي قباطنة القوارب الشراعية او الورقية، ويقترن مصطلح النيبوتية بحكم رجال المال ايضا، بعد ان اصبحت المزاوجة والمصاهرة بين الحاكم واصحاب رؤوس الاموال عرفا يستمد شرعيته من الأمر الواقع، لهذا فهي شرعية مؤقتة ولا مستقبل لها . لقذ انتهى عقد القران بين المال والثقافة في العديد من التجارب الى طلاق بائن بينونة كبرى، لكن هذا القران قدر تعلقه بالسياسة ونظم الحكم انتهى الى الخُلع، وذلك لسبب بسيط هو ان المال لا يعترف بغير المال ورجال الاعمال لا يرون ما هو ابعد من مصالحهم المباشرة، فالرّبح هو المعيار الوحيد الذي يحتكمون اليه في اللحظة الحاسمة، اما كل ما غير ذلك فهو فقاعات في الهواء ! لقد افرزت المعادلة العرجاء التي تفضل الولاء على الكفاءة مثل هذه الظواهر ، لكن المفارقة هي انّ من حكموا بالجملة وبطريقة نيبوتية رحلوا ايضا بالجملة وبالنّبوت ومن سرّه زمن ساءته ازمان ! 

(الدستور 2015-07-26)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات