ثقافة الاعتذار

تم نشره الثلاثاء 28 تمّوز / يوليو 2015 12:42 صباحاً
ثقافة الاعتذار
خيري منصور

في غياب التسامح والاعتراف بحق التعايش السلمي رغم الاختلاف لا يمكن لثقافة الاعتذار والنقد الذاتي ان تصبح مناخا سائدا سواء من الناحية الاجتماعية او السياسية او العقائدية، فما يقابل ثقافة الاعتذار الانكار والمكابرة، حيث يصبح من تأخذه العزّة بالاثم اكثر عنادا واصرارا على ما اقترف من اخطاء . والاخطاء في حالة الاصابة بالعمى عن رصدها والاعتراف بها تصبح خطايا، وما كان مجرد سوء تفاهم قد يتحول الى خصومة مزمنة وهناك حروب اهلية بدأت باردة ثم تعهّد الغلاة والراديكاليون باشعالها فأتت على الاخضر واليابس والظالم والمظلوم معا ! ثقافة الاعتذار تتطلب شروطا ليست في مُتناول مجتمعات تعاني من تراكم المكبوتات ومن الاحتقان، ومن الاحتكار الذي يفضي بالضرورة الى الاحتقار، وما كان للحضارة المعاصرة ان تبلغ ما بلغته من الاحتضار والتآكل والنزاعات لو انها اهتدت مبكرا الى أدبيات الاعتذار، فالحقبة الاستعمارية التي امتص فيها الاقوياء وبالتحديد الرجل الأبيض نخاع الشعوب لا يمكن تجاوزها وطي ملفها الاسود بدون اعتذارات مزدوجة، معنوية واخلاقية من جهة ومادية تعويضية من جهة اخرى، لكن من تورطوا بالانكار والمكابرة واخذتهم العزة بالاثام كلها يصعب عليهم التراجع، ظنّا منهم انه دليل ضعف والحقيقة انه تعبير عن فائض القوة والتوازن النفسي واحترام الذات، فمن لا يقدر كرامة الاخر ولا يقيم وزنا لمشاعره هو كائن لم يجرب الكرامة لأن من هان يسهل الهوان عليه . ان هذا النمط من الثقافة ذات البعد الاخلاقي يتطلب تأهيلا تربويا، ورعاية تتولاها دول ومؤسسات، لأن من تقودهم الغرائز وحدها الى اقتراف جرائم ضد الانسان لن يستجيبوا للمواعظ او حتى الردع المباشر . فالمسألة كلها من الفها الى يائها تربوية وثقافية، والمفارقة ان عصرنا بما آل اليه من تجريف للوعي والاخلاق اصبحت الضحية فيه هي المطالبة بالاعتذار . 

(الدستور 2015-07-28)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات