إيران دولة ذرية

الاتفاق النووي الذي عقد بين إيران ومجموعة الدول الكبرى عبارة عن صفقة تنازلات من جانب واحد هو إيران التي وافقت على تأجيل مشروعها لصنع السلاح النووي، وقبلت فتح جميع مراكزها العلمية والعسكرية للمفتشين الدوليين كما كان الوضع في العراق قبل الحرب والاحتلال بحثاً عن أسلحة الدمار الشامل.
من جهة أخرى فإن أميركا لم تكد تتنازل عن شيء، صحيح أنها ستفرج عن الأرصدة المجمدة ولكن هذه الاموال إيرانية ولا بد أن تعود لأصحابها، وسترفع الحصار عن إيران لأنه لم يعد له مبرر، ولكنها لم تخسر شيئاً ولم تتعهد بشيء، بل أعلنت أنها تحتفظ بخيار الحرب إذا لم تلتزم إيران بشرط الاتفاقية.
مع ذلك فإن الشروط المفروضة على إيران ليست بهذه القسوة، فالمشروع النووي سوف يستمر للأغراض السلمية، ومعنى ذلك أن إيران ستكون في نهاية السنوات العشر المقبلة مالكة للتكنولوجيا الذرية مثل اليابان وألمانيا، وهما دولتان لا تملكان قنابل ذرية ولكنهما قادرتان على صنعها بسرعة إذا صدر بذلك قرار سياسي.
من الناحية العملية لا فرق بين أن تملك إيران قنبلة ذرية أو أن تملك القدرة على صنعها فوراً عندما تشاء. الاتفاق إذن لا يمنع إيران من امتلاك سلاح ذري ولكنه يؤجل هذه النتيجة لمدة عشر سنوات يستمر خلالها التحضير للمرحلة القادمة، علمأ بأن صنع القنبلة لم يكن على الأبواب قبل الاتفاقية.
من ناحية أخرى فإن الشروط مشروطة، فالاتفاقية تنص على إعطاء إيران إشعاراً قبل 24 ساعة من دخول المفتشين لأي موقع، وهي فترة قد تكون كافية لإخفاء أية أدلة على الغش.
صحيح أن من حق أميركا وحلفائها أن تعيد فرض العقوبات على إيران عند اللزوم، ولكنها في هذه الحالة قد لا تجد في بنوكها أرصدة نقدية إيرانية لتجمدها كما أن روسيا والصين ستمنعان مجلس الأمن من فرض العقوبات مجدداً.
إيران تطرح اليوم نفسها بذكاء فهي تريد أكـل التفاحة والاحتفاظ بها، فرئيس الجمهورية المعتدل ينادي بفتح الباب لعلاقات صحية مع الدول العربية، والمرشد المتطرف يتعهد باستمرار دعم الأصدقاء أي عملاء إيران ووكلاؤها في المنطقة!
(الرأي 2015-07-28)